لنتعلم من الدواجن المبردة

سعيد السريحي

ترتفع الأسعار بسبب وبدون سبب، فلا يجد التجار سواء كانوا مستوردين أو مصنعين أو مجرد موزعين، مبررا للارتفاع يحمل لهم صك البراءة سوى التأكيد على أن ذلك الارتفاع ناتج عن ارتفاع الطلب على هذه السلعة أو تلك، وهم بهذا التبرير يصطادون أكثر من طير بحجر واحد، فإضافة إلى أنهم قد اصطادوا المواطن، وأفرغوا جيوبه فهم يجعلون منه سببا في ارتفاع الأسعار، بحيث يصبح وحده المسؤول عنها فلولا تزاحم الناس على هذه السلعة أو تلك ما ارتفع سعرها. أما الطير الثالث الذي يصطاده قانون السوق فهو الترويج للسلعة التي ارتفع ثمنها، فلولا أنها سلعة جيدة لما راجت، وأقبل عليها الناس وبالتالي لا يصبح للمواطن غنى عنها، حتى لو زاد سعرها وكفاية أن «الغالي ثمنه فيه».

أما حين تنخفض الأسعار انطلاقا من نفس القانون كما هو حادث في أسواق الدواجن المبردة فإن الذي يرتفع إنما هو شكوى التجار الذين يؤكدون على أن « استمرار الأسعار المنخفضة التي فرضتها معطيات السوق تضغط على شركات الدواجن المبردة. فالأسعار الحالية لا تغطي الهوامش الربحية المناسبة والتي تسهم في تأمين الكثير من الالتزامات المالية على الشركات».

وحين يعلق التجار آمالهم على شهر رمضان فإن تلك الآمال المعلقة لا تخلو من شبهة انتظار أي فرصة مناسبة وملائمة لرفع الأسعار ثانية كما هي عادة التجار حين يلمسون أي رواج للسلعة، أو ارتفاع للطلب عليها.

ولا معنى في حقيقة الأمر لشكوى التجار من قانون هم أول المستفيدين منه، وإذا كان هذا القانون قد ألحق بهم الخسارة في واحد فقط من منتجاتهم فإن ما هم فيه من نعمة إنما هو بفضل هذا القانون، ولذلك فإن المتوجب على المواطنين أن يستفيدوا من درس الدواجن المبردة، ويدركوا أن الأسعار حبل مشدود بينهم وبين التجار، ولو جربوا قليلا الاستغناء عما يبالغ التجار في سعره فإن هؤلاء التجار سوف يستسلمون سريعا، ويرضون بهامش ربح متاح لهم حتى وإن اشتكوا من الخسائر نتيجة ارتفاع الأسعار؛ ذلك أنهم رابحون دائما سواء رفعوا الأسعار أو لم يرفعوها.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0629615627.htm