منذ أوائل السنة الميلادية 2007م لوحظ ازدياد أسعار السلع الاستهلاكية ، واشتدت حمى هذه الزيادة في الثلاثة شهور الأخيرة ، والتي طالت المواطن البسيط بالذات في المواد الغذائية ، وقد عزى سبب هذه الزيادة بسبب هبوط قيمة الدولار مقابل العملات العالمية الأخرى ، ولكن المتابع لنسب هبوط قيمة الدولار، يجزم أن هذه الزيادة في الأسعار كانت في كثير من حيثياتها غير مبرره ، وإنما القضية عبارة عن أزمة استغلها أصحاب البطون التي لا تشبع من التجار ، ومع ذلك للأسف هذه الأزمة مثل سابقتها من الأزمات يكون المواطن البسيط ضحية هولاء التجار الجشعين ، فالمواطن استغل في سوق الأسهم واحتيل عليه من قبل البنوك ولصوص الأسهم ، ومرة عندما جندل تحت عقود الأقساط الجائرة ليقذف بها في طلب أرباح الأسهم والتي أكلت قوته وقوت أولاده ، ومرة سرقة ماله في سوق الأسهم تحت مسمى صناديق الاستثمار ومرة بالتكتلات (القروبات) للتلاعب بالمؤشر ....والقصة طويلة يعرفها كل منكم ، ومرة أخرى يطل علينا هولاء الجشعين بالتلاعب بأسعار العقار بشكل كان أثره على السكن سواء كان في البيع أو الإيجار إلى قيم خيالية ، ليصل هذا الارتفاع إلى أن تضاعف سعر العقار مرتين وثلاث في بعض الأماكن ، وتتابع هذه الأزمات ، فهاهي سوق المواد الاستهلاكية تستغل بشكل بشع ليتم ابتزاز الإنسان وليقع ضحية المشاكل المتتالية على رأسه دون وازع من ضمير أو رادع من دين .
السؤال المهم : كم قدمت الدولة من خدمات وتسهيلات لهولاء التجار في مصانعهم وشركاتهم ، سواء كان ذلك في الإعانات المادية أو التسهيلات الإدارية ، وماذا قدم هولاء التجار في مقابل ذلك .
أما الإجابة فأكثر هولاء التجار- وليس جميعهم طبعا- فحالهم مخزية مع وطنهم فقد مارسوا أبشع العقوق واستغلوا ثرواته أبشع استغلال سواء كان ذلك في تلويث البيئة أو سحب مخزونه المائي، والذي أهدر بشكل خطير ومكلف جدا على المدى غير البعيد كل ذلك لغرض زيادة الإنتاج وطلب الإثراء الفاحش حتى أصبحت بلادنا معامل نستنشق سمومها حتى وصل إنتاجنا إلى الدول المجاورة بحيث تشترى هذه المنتجات بسعر يقارب سعر بلد المنشأ، بل السؤال الأكبر ما حال هولاء التجار من دفع ما أوجب الله عليهم من زكاة أموالهم والتي لو دفعت بالشكل الصحيح لانقطعت مظاهر الفقر، ما حال هولاء التجار بدلا من التذمر واللوم ، ما حالهم في توظيف الكوادر الوطنية وتشجيع الشباب الطامحين وإعطائهم المرتبات التي تقيم لهم حياة كريمة ، بدلا من تلك المرتبات التي لا تكفي لتسديد الفواتير الشهرية ، اللافت للنظر أن أعدادا غير قلية من هولاء التجار يدير مملكته المالية ويأكل من خيرات هذه البلد ومع ذلك مكان إقامته الدائم إما في أوربا أو أمريكا وإما بلده الأصلي صار بلدا ثانويا يأتي إليه ليثري على حساب غيره .
يتبادر إلى الذهن بهذا الخصوص إلى ردة الفعل من قبل بعض المواطنين المكتوين بنار الغلاء إلى سلاح ضعيف- فيما يرى الناس- لكنه قوى في كبح جماح الجشعين وهو بمقاطعة سلعهم والاتجاه لسلع شركات أخرى لم تنساق إلى رفع الأسعار لتشجيعها ومعاقبة غيرها ، وأحسب أن هذه فكرة جميلة في ضبط هولاء التجار الذين لا يحترمون إلا القوي الذي يدافع عن حقه ، في مقابل ذلك لاحظت في الأيام الماضية بعض الانتقادات الشديدة من قبل البعض لفكرة المقاطعة، واعتقد أن فكرة المقاطعة حرية شخصية لأصحابها فهم أحرار في معاقبة هذه الشركات ، فكما اختارت هذه الشركات معاقبة الناس برفع الأسعار واستغلال أزماتهم وتضخيمها اكبر من حجمها ، فمن حق هولاء الرد عليهم بترك شراء سلعهم على أرفف المحلات ليعودوا إلى رشدهم .
أخيراً أذكر إخواني التجار بتقوى الله فإن المال زائل ،ففي يوم القيامة يقول الفرد من أصحاب الأموال الذين ألهتهم أموالهم وغرتهم عن طاعة الله ( ما أغنى عني ماليه) ، ولا يبقى من هذه الأموال إلا صنائع الخير ، قال صلى الله عليه وسلم : ( يقول ابن آدم : مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ) رواه مسلم
بارك الله فيك ابو لجين