08-04-2009, 02:01 PM
|
#2
|
|
مشرف
رقـم العضويــة: 6668
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشـــاركـات: 5,769
|
الفصل الأول
و إذا كان جماع الدين وجميع الولايات هو أمر ونهي ، فالأمر الذي بعث الله به رسوله هو الأمر بالمعروف والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر ، وهذا نعت النبي والمؤمنين ، كما قال تعالى : {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} .
وهذا واجب على كل مسلم قادر ، وهو فرض على الكفاية ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره ، والقدرة هي السلطان والولاية ، فذووا السلطان أقدر من غيرهم، و عليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم ، فإن مناط الوجوب هو القدرة؛ فيجب على كل إنسان بحسب قدرته ، قال تعالى: { فاتقوا الله ما استطعتم }.
وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى، مثل نيابة السلطنة، والصغرى مثل ولاية الشرطة ، وولاية الحكم، أو ولاية المال وهي ولاية الدواوين المالية وولاية الحسبة .
لكن من المتولين من يكون بمنزلة الشاهد المؤتمن، والمطلوب منه الصدق ، مثل الشهود عند الحاكم ، ومثل صاحب الديوان الذي وظيفته أن يكتب المستخرج والمصروف ، والنقيب والعريف الذي وظيفته إخبار ذي الأمر بالأحوال .
ومنهم من يكون بمنزلة الأمين المطاع والمطلوب منه العدل ، مثل الأمير والحاكم والمحتسب ، وبالصدق في كل الأخبار ، و العدل في الإنشاء من الأقوال ، وتصلح جميع الأحوال، وهما قرينان كما قال تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً }. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الظلمة : (( من صدقهم بكذبهم و أعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ، ولا يرد عليّ الحوض ، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني و أنا منه ، وسيرد عليّ الحوض )). وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، و إن البر يهدي إلى الجنة ، ولايزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ، وإياكم والكذب ! فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، ولايزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )). ولهذا قال سبحانه وتعالى : {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ؟ تنزل على كل أفاك أثيم }. وقال تعالى : {لنسفعن بالناصية ، ناصية كاذبة خاطئة }.
فلهذا يجب على كل ولي أمر أن يستعين بأهل الصدق والعدل ، وإذا تعذر ذلك استعان بالأمثل فالأمثل وإن كان فيه كذب وظلم , فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم ، والواجب إنما هو فعل المقدور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (( من قلد رجلاً على عصابة هو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله ، وخان المؤمنين )).
فالواجب إنما هو الأرضى من الموجود ، والغالب أنه لا يوجد كامل ، فيفعل خير الخيرين ويدفع شر الشرين ، ولهذا كان عمر بن الخطاب يقول ( أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة )). وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفرحون بانتصار الروم والنصارى على المجوس ، وكلاهما كافر ، لأن أحد الصنفين أقرب إلى الإسلام ، وأنزل الله في ذلك : (سورة الروم ) لما اقتتلت الروم وفارس ، والقصة مشهورة وكذلك يوسف كان نائباً لفرعون مصر وهو وقومه مشركون ،وفعل من العدل والخير ما قدر عليه ، ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان .
|
|
|
|
|
___________________________
|
|
|