أسباب الفساد الإداري :
يذكر ( الفقي : 2 ) أن المجتمعات تعاني من ظاهرة الفساد بسبب غيبة الرؤية وتداخل القضايا بل وازدواج النظرة أحيانا , ويضيف بأن الثقافة المجتمعية من الأسباب المؤدية لظاهرة الفساد وأن علاج الفساد يكمن في التركيز على الإصلاح الاجتماعي وليس مجرد التوقف عند الإصلاح الاقتصادي لأن – من وجهة نظره – المناخ العام في كل مجتمع هو الذي يحدد درجة تقبله للفساد من عدمه ويطرح أيضا أسلوب مواجهته سواء تم ذلك بالطرق القانونية أو الجهود الثقافية .
ويذكر مقال ( الفساد الإداري والمالي 1 : 1 ) أن الفساد يعود في الغالب إلى سببين رئيسيين , هما : الرغبة في الحصول على منافع غير مشروعة – ومحاولة التهرب من الكلفة الواجبة .
وتتعدد الأسباب المؤدية على الفساد الإداري , ويقسمها ( بحر : 3 ) إلى مجموعتين :
1. أسباب بيئية اجتماعية خارجية , وتنقسم إلى :
• أسباب تربوية وسلوكية : بعدم الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الدينية في نفوس الأطفال مما يؤدي إلى سلوكيات غير حميدة بقبول الرشوة وعدم المسئولية وعدم احترام القانون .
• أسباب اقتصادية : فيعاني أكثر الموظفين – خصوصا في الدول النامية – من نقص كبير في الرواتب والامتيازات , ما يعني عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المعيشة ومن هنا يد الموظف نفسه مضطرا لتقبل الهدية ( الرشوة ) من المواطنين ليسد بها النقص المادي الناتج عن ضعف الرواتب .
• أسباب سياسية : تواجه بعض الدول وخصوصا في الدول النامية تغييرات في الحكومات والنظم الحاكمة فتنقلب من ديموقراطية إلى ديكتاتورية والعكس , الأمر الذي يخلق جوا من عدم الاستقرار السياسي مما يهيئ الجو للفساد الإداري .
2. أسباب بيئية داخلية ( قانونية ) :
وقد يرجع الانحراف الإداري إلى سوء صياغة القوانين واللوائح المنظمة للعمل وذلك نتيجة لغموض مواد القوانين أو تضاربها في بعض الأحيان , الأمر الذي يعطي الموظف فرصة للتهرب من تنفيذ القانون أو الذهاب إلى تفسيره بطريقته الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح المواطنين .
آثار الفساد الإداري :
يذكر مقال ( الفساد الإداري والمالي 1 , 2 ) أن الفساد الإداري له آثار كبيرة على الدولة في عدد من مناحيها , يمكن إدراجها على النحو التالي :
أثر الفساد الإداري على الإيرادات الحكومية
تخسر الحكومات مبالغ كبيرة من الإيرادات المستحقة عندما تتم رشوة موظفي الدولة حتى يتجاهلوا جزءا من الإنتاج والدخل والواردات في تقويمهم للضرائب المستحقة على هذه النشاطات الاقتصادية , بالإضافة إلى ذلك تهدر الحكومات كثيرا من مواردها عندما يتم تقديم الدعم إلى فئات غير مستحقة ولكنها تتمكن من الحصول عليه برشوة أو نفوذ أو أي وسيلة أخرى , وهذا المر يؤثر بدوره على الأداء الاقتصادي للدولة .
أثر الفساد الإداري على النمو الاقتصادي
تشير كثير من الدراسات النظرية والتطبيقية بأن الفساد الإداري والمالي له آثارا سلبية على النمو الاقتصادي , حيث أن خفض معدلات الاستثمار ومن ثم خفض حجم الطلب الكلي سيؤدي إلى تخفيض معدل النمو الاقتصادي .
أثر الفساد الإداري على مستوى الفقر وتوزيع الدخل
يؤدي الفساد الإداري إلى توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء, وهذا الأثر يتم عبر عدة طرق أهمها :
• تراجع مستويات المعيشة يؤدي إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي وهذا الأمر يساعد على تراجع المستويات المعيشية .
• قد يتهرب الأغنياء من دفع الضرائب ويمارسون سبلا ملتوية للتهرب كالرشوة , وهذا يساعد على تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء .
• يؤدي الفساد إلى زيادة كلفة الخدمات الحكومية مثل : التعليم والسكن وغيرها من الخدمات الأساسية , وهذا بدوره يقلل من حجم هذه الخدمات وجودتها مما ينعكس سلبا على الفئات الأكثر حاجة إلى هذه الخدمات .
علاج الفساد الإداري :
علاج الفساد الإداري من منظور إسلامي
إن الأمانة في أداء العمل خلق حث عليه الدين الإسلامي في كثير من مواطن القرآن والسنة النبوية المطهرة , يقول تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ( النساء : 58 ) , ويقول تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا} ( الأحزاب : 72 ) , ويقول – صلى الله عليه وسلم – : ( أد الأمانة إلى من أئتمنك ولا تخن من خانك ) ( مجبر : 22 ) , وفي حديث آخر يروي أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : بينما النبي – صلى الله عليه وسلم – في مجلس يحدث قومه جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحدث , فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال , وقال بعضهم : بل لم يسمع . حتى إذا قضى حديثه قال : ( أين أراه السائل عن الساعة ؟ ) قال ها أنا يا رسول الله . قال : ( فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ) , قال : كيف أضاعها ؟ , قال : ( إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) ( مجبر : 37 ) .
ويذكر ( بحر : 4 ) أن الدين الإسلامي هو أكثر الأديان معرفة بنفسية البشر وكيفية معالجتها , ولذل نجده قد استخدم أسلوبين لمعالجة ذلك الفساد , وهما أسلوب الترغيب والترهيب .
• ويقصد بأسلوب الترغيب : استخدام أساليب التحفيز المختلفة التي من شأنها أن تجعل الموظف يقبل على عمله بنفس راضية وبحماس كبير فينجز إنجازا عاليا ويؤدي أداءا متميزا .
فمن آيات الترغيب مثلا قوله تعالى : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } ( الزمر : 53 ) , وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستخدم في إدارته للدول أسلوب الترغيب والترهيب , فكان يحبب لهم عمل الخير وينهاهم عن فعل الشر .
|