عرض مشاركة واحدة
قديم 24-06-2010, 01:33 AM   #6
المملوح
كاتب مميز

 
رقـم العضويــة: 12241
تاريخ التسجيل: May 2009
المشـــاركـات: 1,767

افتراضي

وجاء
موعد الزيارة، ولكني شعرت بالخوف. لم أعد أطيق أن أراها في ذلك المكان، ترددت في الزيارة ومرت ساعة... وساعتان.. ولا أستطيع تحمل منظرها وهي بين الأجهزة.
ولكن جاءت بعض الأخوات لزيارتي، وطلبت منهن الذهاب معي حيث ترقد ابنتي..
دخلنا غرفة العناية المركزة، وهناك رأيت كثيرًا من الأطفال المرضى وكنت أسير بينهم في خوف وقلق.. أود أن يقع بصري عليها.. شفقة عليها... ها هي جالسة... لا لا إنها ليست ابنتي، وفي آخر الغرفة كانت ترقد حبيبتي، نظرت إليها من بعيد لم أستطع الاقتراب منها، لأن السرير مغلق وكانت الممرضة تعمل لها الغسيل.. عدت إلى غرفتي.. وبقيت أنتظر حتى عادت إلي طفلتي الحبيبة واستمر الغسيل.
ولكن فوجنا بفشل الغسيل عند إخراج السوائل... لم يعد جسمها يستجيب للغسيل البروتيني حاول الأطباء لكن دون جدوى، وبدأ الأطباء يفكرون في تبديل الغسيل البروتيني إلى غسيل دم.
إن قرار أن يستبدل غسيلها قرار خطير... ثم إن غسيل الدم ليس أمرًا هينًا.
إن المريض يتصل بالجهاز الذي يغسل دمه أربع ساعات تقريبًا كل ثمان وعشرين ساعة... إنه رهينة وأسير لهذا الجهاز ناهيك عما
يعانيه المريض من آلام ورعشة شديدة وحالات إغماء أحيانًا إن كان الدم لديه ضعيفًا، فكيف بالله لطفلة لم تتجاوز العامين من عمرها أن تتحمل هذا الألم؟!
إن قلبي يتمزق من الخوف والقلق، من ذلك المصير المؤلم، ولكن الأطباء قاموا بإعطائها فرصة للاستمرار في الغسيل البروتيني فطلب منا الخروج والمراجعة بعد أسبوعين.
وعدنا إلى دارنا بعد غيبة عنها... واستمر الغسيل، ولكنه فشل وكنت أكثف لها الغسيل حتى تصل في اليوم إلى سبع مرات، حتى أصبح في آخر أيامها كل ساعتين، واستمر انحباس السوائل وزدادت لهفتها على الماء، والغسيل لا يجدي نفعًا، وكثر بكاؤها وعناؤها..
حتى جاء ذلك اليوم الذي لن أنساه ما حييت، يوم الجمعة لاحظت عليها ضيقًا في التنفس، وضعت لها الأكسجين دون جدوى، ثم حملتها إلى المستشفى وهناك رأيت علامات الموت ظاهرة عليها تجمع الأطباء حولها في الطوارئ.. وضعوا لها الأكسجين، والمحاليل والإبر.. والأدوية.. لكن هيهات هيهات.
لقد عانت الطفلة من سكرات الموت معاناة شديدة، جحظت فيها العينان، وبرزت إلى الخارج بشكل مخيف ومفزع، حتى أنني لم أعد أرى لها جفونًا، بل اختفت تمامًا تحت بروز العينين، واسود اللسان والشفتان، وانقطع منها الصوت والأنين،

___________________________

.
التوقيع
:
.
قطرة المطر تحفر في الصخر , ليس بالعنف ولكن بالتكرار
.
.
.
.
.
.
.
.
المملوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس