خليها في الجني أحسن لك

حمود أبو طالب

إذا كان الخبر الذي نشرته صحيفة المدينة يوم أمس ــ متابعة لما نشر طوال الأسبوع الماضي في «عكاظ» ــ صحيحاً مائة في المائة فإن (الجني) المتهم في قضية الفساد الكبرى في المدينة المنورة يصبح بريئا، وله حق المطالبة بالاعتذار ورد الاعتبار بتعويض معنوي ومادي من المبلغ المنهوب في القضية.. يقول القاضي المتهم «لو سمعتم هذا الكلام عن لساني بأنني اتهمت الوسيط الهارب أو غيره بسحري ولو كان من قبل رئيس المحكمة شخصيا فهو كاذب»، وأضاف: «لم توجه لي أي تهمة من أي جهة حكومية ولم ترفع عني الحصانة، ولكن بسبب العارض المرضي تم تمديد إجازتي كما هو متبع حسب الأنظمة والتعليمات».. وما يدعم براءة الجني بحسب خبر الصحيفة قول الراقي إن ما تردد على لسانه غير صحيح ومبالغ فيه جدا، وليس كل من يطلب الرقية مسحورا.. وقد تكون براءة الجني المظلوم نهائية وأكيدة عندما أكدت مصادر رسمية في المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة نفيها طلب إفادة من راقي القاضي، واصفة ما تردد بأنه سخيف جدا.. لو صح هذا الكلام وثبت أننا افترينا على الجني فإنه لا مفر للقاضي من تحمل النتيجة لأن قوله هذا ينفي سيطرة الجني عليه وسلبه إرادته، ويؤكد أنه كان يعي جيدا ما يفعل.. كان من الأفضل له «تدبيس» الجني في القضية ليخرج بأقل الأضرار..
ولكن كيف يمكن التوفيق بين خبر صحيفة المدينة والتقرير المفصل الذي نشرته «عكاظ» يوم أمس أيضا، وذكر بالتفصيل فحوى الحوار الذي أجراه محررها مع الراقي وأعاد فيه تأكيده على أن الجني تكلم على لسان القاضي وسرد كل تفاصيل القضية بما فيها اسم الوسيط الهارب، وحضور لجنة من هيئة الأمر بالمعروف، وطلب (قاضي مسؤول) تقريرا من الراقي، وغير ذلك مما سبق ونشرته الصحيفة..
القضية تعقدت يا جماعة الخير. فإذا افترضنا أن القاضي المتهم شعر بتأنيب الضمير بعد محاولته توريط جني بريء، فإن الراقي يؤكد أن هذا الجني مصر على اعترافاته، وقد أدلى بها سابقا مع رقاة من القصيم، وأنه يسردها (على طول) حين يقرأ عليه أي إنسان، كما أكدت صحيفة «عكاظ» صاحبة السبق في تبني ملف القضية.. وبالتالي لا بد من فصل هذا الخلاف الذي سيتطور إلى نزاع وتوتر شديد في العلاقات بين الإنس والجن قد يؤدي إلى قطع العلاقات وسحب السفراء.. ولذلك نرجو ألا تتأخر الجهات المختصة التي أشارت صحيفة المدينة أنها ستشكل لجنة (خلال الأيام المقبلة) لأن الوقت ليس في صالح الطرفين، وبالإضافة إلى القطيعة التي قد تحدث فإن التأخير سيؤدي إلى فقدان الأمل في معرفة مصير العقارات والأموال الضخمة التي اتهم القاضي بالتدبير للاستيلاء عليها.. بسرعة يا لجنة، الله يرضى عليك..

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1025379667.htm