عرض مشاركة واحدة
قديم 19-12-2010, 06:35 PM   #26
prime
مقاطع فعال

 
رقـم العضويــة: 15612
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشـــاركـات: 612

افتراضي

هلك في عاشورا

يوم عاشورا هو اليوم الذي من الله به على أهل التوحيد بنصرة رمز من رموزهم , وكبت فيه أهل الشرك بهلاك رأسٍ من رؤوسهم .

لقد صام النبي صلى الله عليه وسلم هذا اليوم وأمر بصيامه وقد جاء في الصحيح ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏ : ‏قدم النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏المدينة ‏ ‏فرأى ‏ ‏اليهود ‏ ‏تصوم يوم عاشوراء , فقال : ‏ ‏ما هذا ؟ , قالوا : هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏من عدوهم فصامه ‏ ‏موسى ‏, ‏قال : فأنا أحق ‏ ‏بموسى ‏ ‏منكم , فصامه وأمر بصيامه ‏ .
ومن هنا يتبين لنا عظيم الرابط بين أهل التوحيد على اختلاف أزمنتهم وتباعد أماكنهم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : أنا أحق بموسى منكم .
ونحن نقول لمن حوّل هذه النعمة التي يشكرها الموحدون إلى مأتم يساء فيه إلى التوحيد وأهله ( نحن أحق بآل البيت منكم ) .

إن محبتنا للحسين رضي الله عنه محبة تنبع من عقيدة صافية , لاتجعلنا نرفعه فوق منزلته , فندعي له العصمة , والقدرة على إجابة المضطر , وجلب النفع , ودفع الضر, ولا تبخسه حقه الشرعي , وهو أحد سيدي شباب الجنة وسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن رفع الشعارات , وإقامة المآتم , ورفع الصوت بالنياحة , ولبس السواد , وتقطيع الأجساد , لايكفي لأن يكون علامة على حب آل البيت , فالحب بمعناه الحقيقي يستلزم الطاعة وعدم التعدي .
إن من يزعم أنه يحب الحسين رضي الله عنه , ثم يلعن أمه الصديقة رضي الله عنها , و يتهمها بالفاحشة , هو والله عدو له وكاذب في زعمه , وكيف لايكون عدوا له , وعائشة رضي الله عنها أمه , وهي أم المؤمنين بنص القرآن ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) إلا أن يكون ممن لايعتبر الحسين رضي الله عنه مؤمنا .

و من يزعم محبة آل البيت ثم يعطيهم من القداسة والعصمة فوق مالرسل الله وأنبيائه يعد في نظر العقلاء مخادعا .

كيف نتصور ممن يلعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين أنه يحب آل بيت النبي الأطهار؟ .

كيف يمكن لنا أن نصدق حب آل البيت في قلب رجل يرى أن صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته , ورفيقيه في قبره , أبا بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما الجبت والطاغوت , وصنمي قريش ؟ .
إننا لاينبغي أن تخدعنا تلك الشعارات بحال .
يجب أن نقول للمزايدين علينا بحب آل البيت ( إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني ولكن ماوقر في القلب وصدقته الأعمال ) .

إن المحبة الحقيقية تقتضي محبة النبي صلى الله عليه وسلم , ومحبة من أحبه النبي صلى الله عليه وسلم , ومحبة من مات النبي صلى الله عليه وسلم وهوعنه راضٍ , ومحبة من أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إيمانه يعدل إيمان الأمة كلها , وأمر بالاقتداء به من بعده .

وتقتضي أن نحب من أحبه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه أحب الناس إليه وهي زوجته عائشة رضي الله عنها وأرضاها , وأن نعتقد أن رميها بالفاحشة كفر بالله تعالى , وإساءة بالغة لنبيه صلى الله عليه وسلم , وتخوين لعرضه الشريف , وأنه ماكان لنبي أن يخان في عرض .
لقد هدى الله في هذا اليوم العظيم أقواما للحق وأضل آخرين .

هدى أهل التوحيد للشكر والقربة , والفضل والأجر , وجعله لهم يوم فرح وغبطة , ومن شكرهم لله صيام ذلك اليوم العظيم , ومخالفة أهل الكتاب بصيام يوم بعده أو يوم قبله .

وأضل أهل الزيف والزيغ , فصرفهم عن سنة خير البرية إلى مآثم ابتدعوها , ومآتم اصطنعوها , وشعارات رفعوها , قطَّعوا بها أجساد الجهال , واستدروا بنياحهم فيهاعطف الرعاع , وخادعوا الضعفة .

إنه لن يكون فرعون أسوأ بحال وهو القائل ( ماعلمت لكم من إله غيري ) ممن جعل مع الله غيره , فعبده من دونه , وصرف له وجهه , والله تعالى يقول : ( إدعوا ربكم تضرعا وخفية ) , ويقول : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .

إن الصراخ والعويل والتطبير والتزمير لن يقنعنا أن الحسين رضي الله عنه يستحق أن يدعى من دون الله , أويستغاث به لتفريج الكربة وإزالة الغمة , بل وكيف لنا أن نقتنع بذلك والله تعالى يقول في كتابه : ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون) .

ولهذا فعلى من قاد الجموع , وأسال الدموع , وأشعل الشموع , ولبس السواد , وأعلن الحداد , وكرر وأعاد , وصرخ وبكى , وناح واشتكى , ولجَّ واستغاث , وبجسده في السلاسل عاث , أن يعلم أن للحسين رضي الله عنه ربَّا يدعى وأن الحسين رضي الله عنه وغيره قال عنهم ربنا جل جلاله : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب و يرجون رحمته و يخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا ) , أي أن من يدعوه الناس من دون الله سبحانه , وإن كان نبيا مرسلا , أو ملكا منزلا , أو وليا مقربا , كل هؤلاء يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب و يرجون رحمته و يخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا , فلماذا يُدعون وهم كذلك , ويُترك من بيده النفع والضر سبحانه ؟ .

فهل بعد هذا يحق لقائل أن يقول إنه أحق بآل البيت منا , وهو يهدم ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته من التوحيد الخالص ؟.
كلا والله فنحن أحق بآل البيت رضي الله عنهم , وبغيرهم من المؤمنين , من أؤلئك الذين أشركوا مع الله غيره .
قال الله تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) .

وقال سبحانه : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزحكيم ) .

ولا سواء : فنحن نصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم , ونحبه أحب من أنفسنا وما ملكت أيدينا , ونترضى عن أصحابه الأطهار , ونعرف فضلهم , ونسلِّم على آل بيته وأزواجه , ونعتقد طهارتهم وشرفهم , كما قال الله في كتابه : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) , ولكنا لا نعتقد لهم علم الغيب , ولا القدرة على ما اختصه الله لنفسه , أو مالايقع إلا بأمره وتدبيره , من إحياء الموتى , وشفاء المرضى , وإغاثة المكروب , وتفريج الهم , وقضاء الحاجات , وسعة الرزق .

ولهذا فيحق لنا أن نقول لقد هلك في عاشوراء , من ابتغى غير سبيل المؤمنين , فصرفه الله عن الشكر إلى الحزن , وعن التوحيد إلى الشرك : ( و من يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ) .

سليمان الدويش

التعديل الأخير تم بواسطة prime ; 19-12-2010 الساعة 06:40 PM
prime غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس