في صور عديدة ومتنوعة تجلى فيها حب العمل الخيري، وتأكيد صور التلاحم في المحن والملمات، قام شباب وشابات سعوديون في جدة بالعديد من المبادرات التطوعية التي تنم عن الشهامة وحب الوطن، من خلال تنظيم أنفسهم في فرق تطوعية تعمل على مد يد العون للمتضررين والمشردين الذين داهمت منازلهم المياه وجعلتهم بلا مأوى، حيث نجحت الفتيات المنخرطات في فرق الإنقاذ بمساعدة بعض السيدات اللواتي حاصرتهن السيول في أحياء البغدادية والعمارية والرويس على الولادة، في ظروف صعبة للغاية لم يكن ممكناً أثناءها الوصول إلى المستشفى أو الاستعانة بسيارات الإسعاف أو بفرق الدفاع المدني، كما قامت فرق من الغواصين المتطوعين بإنقاذ 50 شخصاً علقوا في حي الحمراء وفي شارع الأندلس.
وقد صاحبت العمل التطوعي المنظم، صور أخرى، لمبادرات وطنية شخصية، كان من أبرزها تأجيل بعض الشباب لحفل الزفاف الخاص به، وكذلك إلغاء بعض السيدات الاحتفال بالمولود الأول، فيما ألغت فتيات أيضاً حفل زفافهن أو قمن بتأجيل سفرهن إلى الخارج لاستكمال دراستهن الجامعية، من أجل المساعدة ومد يد العون للمتضررين، والانخراط في فرق التطوع والإنقاذ.
الشاب سلطان أحمد، من أبناء مدينة جدة، وفور وقوع الكارثة، لم يتردد في إلغاء حفل زفافه متكبدا خسائر بلغت 55 ألف ريال وصفها بالهينة، وقال سلطان لـ "الوطن" إن احتفاله بالزفاف لن يكون له أي طعم للسعادة إذا كان هناك من يشعر بالعوز والضرر من أهله وجيرانه من سكان جدة.
وقال مدير جروب تكاتف عبد اللطيف زاهر إن فريقه بدأ أعماله التطوعية من أول أيام الكارثة، وأجل الكثيرون من أعضاء الفريق السفر إلى مدن المملكة المختلفة أو إلى خارج المملكة. وأضاف أجلت سفري مع أسرتي إلى "دبي" وفضلت إدارة فريقي الذي يضم 480 شابا لدعم سكان جدة وقمنا بالإعداد والتجهيز والتنسيق لخروج مئات المتطوعين في الفريق للعمل الميداني ومساعدة المتضررين وقد حدث بالفعل أن خرجت المجموعات الميدانية في اليوم التالي للكارثة. وقال لقد سجلنا حالات جميلة من المؤازرة والتكاتف بين الأهالي، فقد تبرعت الأخت خلود طاشقندي ببيتها، وتبرع أحمد أكرم باستراحة لجمع التبرعات العينية، وقامت المجموعة بتوزيع المهام فيما بينها حيث تولت الفتيات استلام وترتيب المؤن والاحتياجات في صناديق، فيما تولى الشباب بقيادة عبد الصمد غريب استلام التبرعات العينية من المتبرعين وإيصال كامل المؤن للمحتاجين في جدة.
وأضاف أن الجروب المسؤول عن النظافة قام بتنظيف عدد من المنازل والمساجد، أما عمر القرشي، أحد أعضاء الفريق التطوعي، فيقول لـ "الوطن" إنه أجل الاحتفال بزواج شقيقته الذي كانت مزمعة إقامته في المدينة المنورة، وأفادت لمياء العلي أنها أجلت الاحتفال بمولودتها الأولى "يمن" شعوراً منها بما يعانيه سكان مدينة جدة. وأشارت إلى أنها برغم معاناتها من آلام الولادة إلا أنها قامت بجمع وتغليف بعض الملابس التي جمعتها من عائلتها وصديقاتها وجيرانها من أجل تقديمها لمساعدة المتضررين من السيول، وبينت أن هذا الشيء قليل وأن صورة الترابط تظهر في الشدائد وهذا العمل غير غريب على أهالي مدينتها.