المخزون ساهمت في تراجع الأسعار
انخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية في السوق المحلية 20%
د. عبدالله العنزي
الرياض – بادي البدراني، ناصر العماش
شهدت أسعار السلع الغذائية الأساسية مثل الأرز وزيوت الطهي انخفاضا في السوق المحلية وصل إلى 20 في المائة بسبب تراكم المخزون لدى التجار، الأمر الذي ساهم في وفرة المعروض وانخفاض الطلب وبالتالي تراجع الأسعار.
والانخفاض الأخير للأسعار كان ملموسا من جانب المواطنين كونه شكل فرقا واضحا بين أسعار السلع الغذائية الأساسية التي وصلت ذروتها قبل عامين وبين الأسعار الحالية.
وسجلت أسعار زيوت الطبخ انخفاضا جديداً بنسب تراوحت بين 10 و 15 في المائة، فيما شهدت أسعار اللحوم الحمراء ثباتاً في أسعارها، إلى جانب ثبات أسعار الحديد والأسمنت مع توقع استمرار أو ثبات هذه الأسعار خلال النصف الأول من العام 2011م بحسب متخصصون، وذلك بالرغم من ارتفاع أسعار برميل النفط الذي تجاوز عتبة 100 دولار للبرميل الواحد وزيادة تكاليف الشحن.
وإلى وقت قريب، كان الترقب هو سيد الموقف في أوساط المستهلكين لبدء موجة الانخفاضات المتوقعة في أسعار السلع التموينية، بعد أن سيطرت النذر التشاؤمية على الأسواق العالمية بسبب الأزمة الاقتصادية وتأثر الكثير من الأسواق بما فيها السوق السعودي.
وأثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال الأعوام الأخيرة قلقا متزايدا لدى المستهلكين خصوصا الطبقات المتوسطة التي بدأت تشكو من أوضاعها المعيشية، في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات بين أوساط المواطنين بضرورة تحرك الجهات ذات العلاقة لمكافحة الارتفاع الجنوني وخصوصاً في أسعار المواد الاستهلاكية.
وقال الدكتور عبدالله العنزي أكاديمي ومهتم بشؤون المستهلك أن المتتبع للوضع الاقتصادي في المملكة نهاية الربع الأخير من العام 2010م وبداية الربع الأول من العام 2011م يلاحظ انخفاضا في بعض أسعار السلع الأساسية كالأرز بنسبة قد تصل إلى 20 في المائة، وانخفاض زيوت الطهي بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 في المائة.
وأكد العنزي ل "الرياض" أن التوقعات المتفائلة من وزارة المالية ومصلحة الإحصاءات العامة تشير إلى انخفاض معدلات التضخم وبالتالي انخفاض في بعض أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية على اعتبار أنها تشكل نسبة كبيرة من مكونات الرقم القياسي للمستهلك الذي يقيس مقدار التغير فيه مستوى التغير في معدلات التضخم.
وتابع "لعل هذا الانخفاض يرجع لعدة عوامل يقف على رأسها هبوط تكاليف الشحن البحري خلال العام 2008م و 2009م متأثرة بانخفاض أسعار النفط نتيجة المتغيرات التي أحدثتها الأزمة العالمية خلال العالمين الماضيين، حيث وصل سعر برميل النفط 60 دولارا، بالإضافة إلى الدعم الحكومي المباشر، مما مكن المستوردين السعوديين من التعاقد على شراء وشحن كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية.
وأشار إلى أن من بين العوامل الأخرى التي ساهمت في تراجع وانخفاض الأسعار زيادة الوعي والثقافة الاستهلاكية لدى المواطن السعودي، حيث اتبع سياسات الترشيد وإيجاد البدائل، والإحجام عن شراء بعض السلع بعد أزمة الغلاء في العامين الأخيرين، والتي كان لها الأثر الواضح في خفض أسعار بعض السلع الأساسية، مضيفاً "هذه السياسات أدت إلى تراكم المخزون لدى التجار، وأدت بدورها إلى وفرة في المعروض صاحبه انخفاض في الطلب أدى إلى انخفاض في الأسعار".
وشدد العنزي على أن الجهات الرقابية في المملكة ممثلة بوزارة التجارة والصناعة اتخذت عددا من الإجراءات الفاعلة للحد من الزيادات غير المبررة في عدد من السلع الأساسية، ومن ضمنها دراسة وضع السوق ووضع قيود على تصدير بعض السلع خارج المملكة، مع مراقبة الزيادة في الأسعار وتكثيف الجولات الرقابية في الأسواق، والكشف عن عدد لا يستهان به من حالات الغش والمخالفات التجارية، بالإضافة إلى التشهير بوسائل الإعلام عن الشركات المتورطة بالاحتكار لسلعة معينة، إلى جانب اطلاق مؤشر الأسعار الذي زاد من ثقة المستهلك في فعالية هذه الوسائل.
وأكد آخر تقرير لمؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» حول التضخم للربع الثالث من عام 2010م أن معدل التضخم في الربع الثالث للعام الماضي ارتفع بنسبة 6 في المائة، وجاء هذا الارتفاع نتيجة الضغط التضخمي لمجموعة الأطعمة والمشروبات بسبب ارتفاع أسعارها عالميًا، وكذلك مجموعة الترميم والإيجار والوقود بالرغم من انخفاض حدة تأثيرها في الربع الثالث مقارنةً بالربع الثاني، إلى جانب الارتفاع الذي شهدته مجموعة السلع والخدمات الأخرى.
وتوقعت «ساما» استمرار الضغوط التضخمية المحلية خلال الربع الرابع من عام 2010م ولكن بمستوى أقل حدة عمّا كانت عليه في الربعين السابقين، حيث ينتظر أن تشهد أسعار السلع العالمية بشكل عام في الربع الرابع من هذا العام انخفاضًا طفيفًا بناءً على تقرير آفاق الغذاء الصادر من منظمة الغذاء العالمية في يونيو الماضي، مما سيقلل من تأثير مجموعة الأطعمة والمشروبات على الرقم القياسي العام.
وبحسب تقرير سابق أعده البنك السعودي الفرنسي، فإن التنبؤ باتجاهات الأسعار العالمية للسلع الغذائية في المملكة في 2011م سيظل صعبا إلى حد ما، لأنها تعتمد على تقلبات الأسعار العالمية للسلع الغذائية، وقد تتأثر أيضا بتقلبات الدولار الأمريكي، فعندما يضعف الدولار ترتفع تكاليف الواردات السعودية من السلع الغذائية، الأمر الذي يعزز الضغوط التضخمية المستوردة.
لكن التقرير توقع أن يزداد الدولار الأمريكي قوة في العام الحالي، وحدوث بعض التراجع في أسعار السلع الغذائية في النهاية، ومع ذلك قد تحوم معدلات تضخم أسعار الأغذية في المملكة حول المستويات التي سجلت في 2010 م، لأن انخفاض معدلات تضخم أسعار الأغذية سيظل طفيفا، بسبب نزوع التجار السعوديين، إلى تثبيت الأسعار المحلية للسلع الغذائية لفترة طويلة، بعد انخفاض مستوياتها العالمية.