عرض مشاركة واحدة
قديم 22-02-2011, 08:07 AM   #25
illi
مقاطع نشيط

 
رقـم العضويــة: 16554
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشـــاركـات: 410

افتراضي

قناة الجزيرة.. وإشكالياتها المستديمة!

http://sabq.org/sabq/user/articles.do?id=459



عن قناة الجزيرة.. مرة أخرى!

من مبادئ المجتمعات الإنسانية الراقية حق "إبداء الرأي" في إطار عدم المساس بالأمور العقدية، أو التطاول على الثوابت الدينية. هذا الحق يُعتبر ممارسة سلوكية ضمن منظومة أخلاقية، ونتيجة طبيعية لنظام تربوي واجتماعي وأخلاقي لتقدم المجتمع، وتطور الفكر بشكل عام؛ فالحوار على ما لم نتفاهم عليه، والاتفاق على ما تفاهمنا عليه، هما وسيلتان لتشذيب النفس، وتسليحها بعلمية وسعة الثقافة، وهذه هي المعادلة الصحيحة.

مع الأسف أننا في واقع التطبيق نرى حالة مأزومة، وفجوة حضارية كبيرة، تزداد صعوبة وقتامة في ظل انحسار الآمال، من حيث عدم تقبل "الرأي الآخر"، ومحاصرته في زاوية الإلغاء، ولاسيما إذا كان هذا الرأي لا يتفق مع ما يؤمن به صاحب الرأي الآخر؛ وبالتالي تكون تلك الآراء في نظر هؤلاء مضيعة للوقت، وتُرفض - حينئذ - على أقل تقدير، هذا إن لم يُخوَّن أصحابها، أو يُقصوا لمجرد أنه الرأي الآخر، وهذا - بلا شك - ضعف في آلية البناء المنهجي نحو القبول بالتعددية.

بعد مقالي عن "قناة الجزيرة وإشكالياتها المستديمة"، الذي نشرته صحيفة "سبق" الإلكترونية مشكورة، رأيتُ - مع الأسف - الشديد صوراً من الخلاف المذموم، يندرج في إطار نمط فكري موروث، ومسلك اعتقادي ضيق؛ فيضيق كل رأي برأي مَنْ يخالفه، وتتراكم حينئذ الأخطاء، وتنشحن النفوس، وتصبح بالتالي مدعاة إلى التفرُّق والتعصب؛ فما كتبته أيها الأحبة هو: وجهة نظر قابلة للاتفاق، كما أنها قابلة للاختلاف، ولا يعدو مجرد رأي، تتواجه من خلاله الآراء، وتتلاقح الأفكار.. إلا أن بعض المحبين عاتبني على وصف "أعمال حماس" بالجرائم، وحُقّ لهم ذلك، وقد بيّنت لهم أن هذا ليس من مقولي، بل من منقولي، ويعلم الله حين قرأت المقال في صحيفة "سبق" عاتبت نفسي؛ لنقل تلك العبارة من المصدر - سهواً - دون حذف.

من جانب آخر فإن بعض من راسلني طالبني بانتقاد "قناة العربية"، وكما كتبت عن "قناة الجزيرة" فقد كتبت قبل ثلاث سنوات مقالَيْن عن "قناة العربية"، وموقفها المخزي من تغطية أحداث غزة، أحدهما بعنوان "عبدالرحمن الراشد.. وجهاً لوجه"، والآخر: "مصطلح الشهيد.. بقلم قناة العربية"، وقد نُشرا في صحيفة "سبق"؛ فما أكتبه هو ما أُدين الله به، بل لو نظر القارئ الكريم على يمين المقال لوجد في أرشيف الكاتب مقالاً بعنوان "وكالة واس.. سقطة إعلامية لا تُغتفر".

إن عمق الوعي والنظرة المحايدة أمران مهمان في توضيح الآراء وتقبل منطلقاتها إذا كانت نتائجها صحيحة؛ لتعرف حدودها بموضوعية وإيجابية، بخلاف طغيان "الأنا"، وسياسية "ما أريكم إلا ما أرى"؛ فهذه الرؤية التي ترى كل رأي خارج سياقها رؤية خاطئة؛ وبالتالي فإن اختلاف الآراء ليس دائماً سلبياً، بل يمكن أن تكون له نتائج إيجابية {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}.

إن رسالة الإعلام رسالة سامية صادقة، تجمع ولا تُفرِّق، تبني ولا تهدم، تبحث عن الخبر الصحيح، وهو أخذ المعلومة الصحيحة من مصادرها الصحيحة. والوسيلة الإعلامية الصادقة هي التي تحترم مشاهديها، وتُقدِّر قيمهم عن طريق صدق المعلومة، والصدق في التعليق عليها، وقراءتها بشكل مهني صحيح، ومن ثم تحليل المعلومة بشكل دقيق.

قناة الجزيرة، التي طالما افتعلت الأزمات، وقوبلت بالنقد تارة، وبالهجوم تارة أخرى، يجب أن تقابل بإجماع عربي على إدانتها، ولاسيما وهي تغذي الفوضى الخلاقة، التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى نشرها في منطقتنا؛ فقد آن الأوان أن تكون نظرتنا أكثر عمقاً؛ لتناول الأمور بعقلانية أكبر.



http://sabq.org/sabq/user/articles.do?id=471
illi غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس