لا تذهب هذا المساء ولا حتى في الصباح لا تذهب إلى أي مكان، أجلس في منزلك وكفى، ولا تسمع لكلام إعلانات ودعاية واهية، يقولون لك طعامك الشهي الطازج لدينا فنحن أكبر منتج للأطعمة في العالم، وأنت تقول سآكل وأنا مغمض عيني فأنا في ثقتي العمياء وولائي للدعاية الزائفة.

أصبحنا أضحوكة العالم، فلا يوجد في العالم عمياناً مثل المستهلك العربي، فإذا ذهب ليتناول وجبة أو يشتري منتجاً من محل أقل من العادي ولكن ما يميزه فقط أن أعلاه يتزين فقط باسم شهير وله سمعة عالمية مثلما روج لنفسه، ولا أدري من أين جاءت تلك السمعة، تجده يغمض عينه ويتناول طعامه ، ويخدر يده ويخرج ما في جيبه لمجرد الـ brand أو ما يسمى عربياً بالماركة، فلا أباك كان يأكل منه ولا أبي، ولا يدري أجدادنا سوى صنائع أيديهم أو ما تصنعه الزوجة فهذا هو النظيف عندنا عربياً وتراثياً.

إني لا أتكلم من فراغ ، فأنا موجوع من قلبي، ومن معدتي حقيقة، فإنني كنت أذهب لأطعم من يد أمي الطعام الشهي الآمن النظيف، فآكل وأنا مستمتع وأشبع نهمي المعهود للطعام، وفجأة ماذا حدث لي حتى أسمع كلام الإعلانات و الدعاية، فإنني في الحقيقة قد غرني شكل الشابورة وشكلها الذهبي، وأيضاً أبطال الإعلان الذين كانوا يأكلونها في مشهد أفقدني توازني ألأكلي.

قررت أن أذهب إلى اقرب فرع و قمت بطلب الشابورة الشهية بطلة الموسم، إنها حجزت مكانها في معدتي منذ أول وهلة رأيتها تليفزيونياً ، فأنا أعشق التسالي من هذا النوع ، ولا تستعجب فنحن نتسلى بالخبز وفق إعلاناتهم ، فهم يسموها تسالي .

لكنني علمت أول ما رأيتها مقدمة لي علمت أنني بحاجة لنظارة مكبرة لأصل للحجم الذي روجوه لي في التلفاز ولم أكن حينها أستطيع أن أحدد هل العيب من نظري أم أن العيب في تلفازي . وغاب تفكيري تماما ، أنني تعرضت لعملية تنويم مغناطيسية إعلانية.

أغمضت عيني و عدت للمنزل لأنفرد بها وقلت أفعل مثلما كانوا يفعلون بالتلفاز لعلي أصير مثلهم هائم في حب الشابورة ، فجأة، إذا بتروس أسناني تتعطل، ما هذا ، ما هذا ؟ هل هذه قرمشتها ؟؟ أشك !.

اكتشفت فجأة أن خيطاً بلاستيكية يسكن نسيج طعامي، الشابورة بالألياف الضوئية، أفٍ لكم ولما خربتموه في عقولنا وفي بلادنا وفي معدتي ، هذا ما رأته عيوني ، فما بالكم بما لم أره وأكلته غفوة مني .

شركات متعددة الجنسيات ويقال عالمية، وهي في الأصل عالمية في عدم الاهتمام بعميلها ، فهي اكتفت مالاً ونجاحاً من كل جيوب العالم، و أنا أؤكد أنهم لا يعاملون بني وطنهم هكذا مثلما يعاملون الآخرين، و لو أنني أعلم أن لي قيمة في وطني من الأساس لرفعت قضية على شركة الطعام تلك.

فإنني أذكر الذين رفعوا قضايا على شركات مياه معدنية عالمية وجدوا فيها ذبابة ، وهذا أهون ، فهم وجدوا ذبابة و هي يمكن بكل سهولة أن تتسلل إلى المياه الغازية، ولكن احتار خيالي وغلب تفكيري في تفسير ذلك، ماركة عالمية ، وإعلان مثير مكلف، ومجتمع عربي يصور كجائع ، و الشابورة في النهاية ليست من أجود القمح، ولكنها من أجود أنواع الخيوط . ودمتم سالمين

ملاحظة :

الشبكة العربية للإدارة والأعمال تملك أكثر من خمسة عشر صورة للمنتج بزوايا متعددة تثبت وجود عيب في الجودة والإنتاج لهذا النوع من الشابورة ، وحرصا من الشبكة العربية للإدارة والأعمال وأيمانا بدورها المستقل وانضماما لصف المستهلك بالمطالبة بالجودة واحترام المستهلك ، فلا عذر فصحته أغلى ، لذلك جرى النشر ..

المصدر :
http://arabnm.com/Market/market/2223-SHABORA.html