عرض مشاركة واحدة
قديم 27-01-2012, 02:04 PM   #46
abuhisham
الإدارة

 
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
Twitter

افتراضي

حماية المستهلك من جشع البنوك

سامة سعيد القحطاني * * * *
2012-01-27 2:49 AM



من أسباب التضخّم والانهيار السريع في سوق الأسهم تدخّل البنوك المباشر! فهي تُقدم التسهيلات للمستثمرين، ثم تسترجعها بشكل مطلق اليدين! مما دفع السوق إلى الانتفاخ ثم السقوط المريع! وأخشى أن يتبع سوق العقار ما حصل في سوق الأسهم

مع الارتفاع الفُقاعي لأسعار العقارات اضطر كثير من الناس إلى الاقتراض لأجل امتلاك مسكن ملائم لاحتياجاتهم الخاصة، مما جعل البنوك وشركات التمويل العقاري تتسابق إلى هذا القطاع الاستثماري، وقاموا بحماية أنفسهم بطرقٍ متعددة، من أهمها ارتهان العقار أو حتى تملّكه مع الوعد بالبيع أو الهبة أو غير ذلك من صور الحيل الفقهية على الربا!

الأمر الذي يهمّني هنا هو حقوق المقترضين أو المستهلكين في هذا المجال، بالإضافة إلى حماية القطاع المالي من أي اهتزازات مستقبلية متوقعة لسوق العقار، الذي يُشكل نسبة كبيرة من استثمارات البنوك. ففي حال تعثّر المُقترض عن السداد؛ فإن البنك مُطلق اليدين أمام المستهلك الضعيف (foreclosure) لتجريده من كل ما يملك دون أن تكون هناك ضمانات أو التزامات واضحة على المُقرِض (البنك أو غيره) تجاهه. فمثلا؛ ما هي الضمانة لمنع البنك أو المُموِّل من البيع إلى طرف ذي علاقة به؟ أو حتى أن يبيع بسعر مُجحف لأجل تحقيق الكفاية لتغطية حقوقه دون مراعاة مصالح المستهلك؟ تعارض المصالح هذا يجب أن يمنعه تشريع نظامي، بتقديم الضمانات والالتزامات على جميع الأطراف. وبالإمكان على سبيل المثال؛ أن يُلزم الجميع بأن يكون الاستخلاص للحقوق من خلال طرف ثالث لا علاقة له بالمُقرض ويراعي مصالح المقترض.

وهذا الأمر يُذكرنا بالشُّح التنظيمي والفراغات القانونية في كثير من المجالات، من بينها مثلا قانون الإفلاس (وقد سبق أن كتبتُ مقالا في هذا الموضوع بالذات)، والرهن العقاري، وغيرهما.
هناك إشكال آخر، وهو ما الجهة الإدارية التي تُراقب البنوك وشركات التمويل فيما يتعلق بهذه القضايا؟ الأمر غير واضح هنا، هل هي وزارة التجارة؟ أو هيئة سوق المال؟ أو الجمعية منزوعة السلطة (جمعية حماية المستهلك)؟

من صور تعارض المصالح أيضا؛ أن البنك أو شركة التمويل قد يكون لديهما معلومة داخلية ببيع عقار معين أو حتى أسهم معينة مرهونة لشركة معينة بالسوق المالية، وقد يستفيد من هذا البنك نفسه وهو الخصم هنا (أو حتى عملاؤه أو بعض موظفيه)، فكل البنوك لديها أذرعة استثمارية في سوق المال مملوكة لها بنسبة 100%، ولا توجد تشريعات منشورة خاصة لتعزيز استقلالية هذه الشركات عن البنوك سوى بعض التشريعات العامة التي وضعتها هيئة سوق المال مثل لائحة الأشخاص المرخّص لهم وغيرها، وهي ليست خاصة بموضوعنا، وهذا يُشكل خطرا كبيرا على المُستهلك وكذلك على القطاع المالي ككل.
هذا الأمر، هو ما دعا إدارة أوباما مثلا إلى سنّ قانون خاص لحماية المستهلك (The Dodd–Frank Wall Street Reform and Consumer Protection Act 2010) بالإضافة لحماية قطاع سوق المال من الأزمات، وقد اشتهر هذا المشروع بقواعد فولكر Volcker Rules (وهي في الحقيقة جزء من ذلك النظام)، الغرض الأهم من سنّ النظام هو حماية المستهلك ومنع تعارض المصالح بين البنوك والشركات المالية من جهة والمستهلك كطرف آخر. ومن أهم آثار هذا النظام مثلا؛ منع البنوك التجارية من التجارة فيما يُسمى Proprietary trading أوspeculative investments منعا لتعارض المصالح وإيقاف البنوك من استخدام الأموال المرهونة في مشاريعها وتوسّعاتها الخاصة، وبالتالي إيقاف الخطورة العالية منها على القطاع المالي كنتيجة أخرى للمشروع، الأمر الذي تُعارضه البنوك والشركات التي تعمل في هذا المجال مثل Goldman Sachs أو Bank of America. ونشأ بموجب النظام مكتب الحماية المالية للمستهلكين (Bureau of Consumer Financial Protection)، وهو مكتب تابع نظاما للبنك الاحتياطي الأميركي، يعيّنُ رئيسَه مديرُ البنك بتوصية وموافقة مجلس الشيوخ الأميركي. ومن مهام هذا المكتب أن يقوم بتنظيم الخدمات والمُنتجات المالية للمستهلكين بما يتوافق مع النظام المذكور أعلاه.

إذا نظرنا لما حصل من انهيار في سوق الأسهم في عام 2005 وما حولها، نجد أن من أكبر أسباب التضخّم والانهيار السريع هو تدخّل البنوك المباشر! فهي تُقدم التسهيلات المهولة للمستثمرين، ثم تسترجعها بشكل مطلق اليدين! مما دفع السوق إلى الانتفاخ ثم السقوط المريع! والذي أخشاه الآن؛ أن يتبع سوق العقار ما حصل في سوق الأسهم بسبب ضعف التنظيمات والتشريعات التي تحمي حقوق الطرفين وبالأخص المستهلكين.

المشاكل في هذا الموضوع كثيرة، كما أن الحلول المُقترحة أكثر من ذلك، ولكن إثارة المشكلة وبحثها واستيعاب أبعادها، هو أول الطريق نحو إيجاد حلولها ومعالجتها. كما لا يفوتني التنبيه إلى أن مثل هذه الأمور بالغة الحساسية، يجب ألا تُعالج ببيروقراطية واعتيادية كما تُعالج غيرها من الأمور، فالأمر ذو أولوية قصوى وتجب معالجته بسرعة، وإلا فإن الخطر كبير على المستهلكين والقطاع المالي، خاصة في هذه المرحلة التي يعاني فيها قطاع كبير من البنوك العالمية من مشاكل السيولة وتراكم الديون.

http://www1.alwatan.com.sa/Articles/...ArticleID=9271
abuhisham غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس