شوهت جمال جدة.. وأربكت الحركة المرورية.. وأزعجت الأهالي
شوارع «احفر وادفن» دون تنسيق!
كثرة أعمال الحفريات أزعجت المحلات التجارية وأربكت الحركة المرورية (عدسة: محسن سالم)
جدة، تحقيق- سالم مريشيد
يبدو أن معاناة معظم شوارع محافظة "جدة" مع الحفريات لن تنتهي.. فلا يكاد أن تتم سفلتة أحد الشوارع من قبل شركة، إلا وتأتي الأخرى لتعبث به مرة أخرى، فأصبح حال عدد من الشوارع يعج بالحفريات على مدار السنة، فكل شركة تجري ما يروق لها في الوقت الذي يناسبها، ويدفع المارة الثمن بأوقات يهدرونها في الزحام، وازدياد أعطال سياراتهم على الرغم من حداثتها بسبب سوء أعمال صيانة الشوارع.
وزاد من المعاناة سوء أعمال السفلتة بعد انتهاء الحفرية، حيث يهبط مستوى المنطقة التي أجريت مكانها الحفرية عن بقية المناطق الأخرى في الشارع نفسه، وربما تكون أعلى منها، مما يجعل تلك التفاوتات مصيدة للسيارات على شكل مطبات إجبارية متفاوتة الأحجام من قبل الشركة المنفذة.
"الرياض" استقبلت شكاوى عدد من أهالي "جدة" جراء تزايد أعمال الحفريات بشكل مبالغ فيه دون تنسيق بين الجهات المختصة بأعمال الحفريات، وكذلك من سوء التنفيذ المتضح من خلال رداءة الاسفلت بعد الدفن.
معاناة مستمرة
في البداية، أكد "م.موفق الهاشمي" على أن المعاناة مع معظم شوارع جدة ستطول؛ لأن الطلب على الخدمات لا يتوقف فكل أرض بيضاء في حي من أحياء جدة يتم الشروع في بنائها تحتاج إلى الخدمات من كهرباء وماء ومجاري وهاتف، مما يحتاج إلى حفر الشارع لإيصال تلك الخدمات، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في الطريقة التي تعاد بها السفلتة للشوارع بعد الحفر، إذ إنها تخضع لضمير المقاول ومزاجيته، بسبب قلّة المراقبة والمحاسبة، وعدم وضع شروط دقيقة لا تقبل التلاعب بعد الحفر وفق مواصفات فنية تعيد الشارع لوضعه السابق دون "مطبات" أو حفر أو انخفاضات في مكان الحفريات.
وقال:"يجب على الشركات المكلفة بالحفريات التنسيق مع (إدارة المرور)؛ لأنها المسؤولة عن حركة سير الشوارع، وذلك لتحديد إمكانية الحفر في كل شارع من عدمها، بل إننا نجد شركتين لخدمات حفر مختلفتين في شارع واحد؛ مما يربك الحركة المرورية أثناء فترة الذروة، كما أن بعض شركات الحفر تعمل ببطء غير مبرر فتجد أن مشروع حفرية في أحد الشوارع يظل شهوراً وربما أكثر من عام، بينما المفترض إنجازه في شهرين على أبعد احتمال"، مطالباً بتكثيف الرقابة على أعمال إعادة السفلتة في الشوارع من قبل "أمانة جدة" وبلدياتها الفرعية، ووضع حد لهذا التشويه الذي طال كل شوارع وطرقها دون استثناء.
صرامة شروط
وأشار "م.محمد كابلي" إلى أن كثرة الحفريات، وسوء تنفيذ إعادة السفلتة من قبل شركات الحفريات ألحق كثيرا من الخسائر بالمواطنين نتيجة الأعطال التي تحدث لسياراتهم على الشوارع المليئة بالحفر والمطبات والأخاديد والهبوط، حيث تشكل الأعطال الناتجة عن الحفر والمطبات في الشوارع أكثر من 60% من حجم الأعطال التي تتعرض لها السيارات سنوياً ويصل إصلاح بعضها إلى مبالغ كبيرة يدفعها المواطن من دخله لأن سياراته سقطت في حفرة وعائية أو مطب كبير، مطالباً بتحميل الشركات المنفذة للحفريات دون أن تتقنها وتتقيد بتنفيذ سليم أن تعوض من تتضرر سيارته.
سوء السفلتة بعد التنفيذ نتاج طبيعي لقلّة الرقابة.. وسيارات السائقين المتضرر الأكبر
وطالب بضرورة أن تطبق الأمانات وبلدياتها الفرعية بشكل صارم وملزم الشروط الفنية في إعادة السفلتة من قبل الشركات، وتضع مواصفات فنية دقيقة تحد من هذا العبث في معظم الشوارع من قبل شركات تجارية؛ لأن خطر هذه الحفريات لا يقف عن حد الأعطال في السيارات وإنما تتجاوزها إلى المرضى والأطفال، مثل امرأة حامل في شهرها التاسع متجهة إلى المستشفى مع زوجها أو أبنها وتقع سيارتهم في حفرة وعائية عميقة أو مطب مرتفع، مما قد يعرضها أو طفلها للخطر، فضلاً عن أن سبب كثير من الحوادث المرورية بسبب سوء أعمال السفلتة والحفر، مثل أن يتفاجأ سائق بحفرة، ويحاول تجنبها فيصطدم بسيارة أخرى.
سوء تنفيذ
وذكر "أيمن النفجان" أن كثيرا من التشويه الذي أصاب بعض شوارع "جدة" يعود إلى سوء أعمال إعادة السفلتة بواسطة عمالة رديئة نحن من أحضرهم لتطوير مشروعات البنية التحتية، حتى تزايدت أخطاؤهم وقد تحتاج مستقبلاً لإعادة شاملة، مقترحاً الإستعانة بدول ذات خبرة لتنفيذ المشروعات بطريقة ومواصفات عالمية.
بعض الشوارع يعاد حفرها أكثر من مرة دون تنسيق مسبق
وأضاف:"من خلال ما شاهدته على أرض الواقع في الحي أن الشركة التي كانت تنفذ حفريات المجاري في الشارع الذي أسكن فيه ظلت سنة ونصفا وهي تحفر وتدفن وتركت الشوارع بعد أن أكملت عملها مليئة بالحفر والهبوطات ولم يحرك أحد ساكناً لمحاسبتها على ذلك التشويه للشوارع.. دون أن يكون للأمانة تدخل ميداني يحد من سوء تنفيذ مقاولي الحفريات".
واقترح ل"أمانة جدة" الإفادة من "نظرية الشباك المكسور" لأن المبنى إذا كانت فيه نافذة واحدة مكسورة ولم يتم إصلاحها فإن نوافذ المبنى بالكامل ستتعرض للكسر نتيجة الإهمال، مبيناً أن الأمانة عندما تهمل محاسبة مقاول لم يعد السفلتة بشكل سليم في أحد الشوارع سيغري ذلك بقية المقاولين على عدم المبالاة بشروط الأمانة في بقية الشوارع، مبيناً أن الاهتمام بالأشياء الصغيرة يقود للإهتمام بالأشياء الكبيرة تلقائياً.
"نأسف لإزعاجكم"
وقال "طارق باعشن" أن العبارة التي يضعها مقاولو الحفريات على اللوحة عند كل مشروع حفر وهي "نأسف على إزعاجكم" لم تعد مقبولة في كثير من الأحيان؛ لأن الإزعاج لا يقتصر على زمن العمل في تنفيذ الحفريات، وإنما يمتد لما بعد ذلك؛ كون هؤلاء المقاولين يتركون الشوارع دون أن يعيدوا السفلتة مثلما كانت، وعندما تأتي الأمانة لإعادة السفلتة كاملة، ما تلبث فترة إلاّ وقد أتى مقاول حفرية آخر يعيد الحفر من جديد، مبيناً أن الآونة الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أغلب الشوارع إلى درجة وصل فيها الأمر إلى وجود أكثر من شركة حفريات في شارع واحد، ولو أن أعمال السفلتة بعدها تكون جيدة لهان الأمر، إلاّ أنها بعد كل الصبر على الإزعاج والزحام تعاد مشوهة وغير صالحة.
جفاف الأشجار
وبيّن "عدنان فقيها" أن الشركات تتسبب بجفاف النباتات والأشجار المحاذية للحفريات لأن وجود الحفرية يحول دون ريها بالماء مما يستوجب فرض سقايتها على المقاولين أنفسهم حتى يتم الانتهاء من أعمالهم، ذاكراً أن الحفريات لم تشوع شوارع "جدة" واسفلتها فحسب، بل حتى الأشجار والنباتات والزهور والأرصفة كان لها نصيب.
وأضاف: "لا شك أن عمليات الحفر التي تقوم بها الشركات مطلب ضروري للبنية التحتية والخدمات، ولكن كل ما نريده أن يعيد مقاولو الحفريات سفلتة الشوارع جيداً بعد انتهاء عملهم، دون تركها مليئة بالحفر والمطبات".
د.هاني أبو راس
أمانة جدة: تحملونا..!
أكد "د.هاني أبو راس" -أمين محافظة جدة- على أن أعمال الحفريات المتزايد في "جدة" ليست من عمل الأمانة وحدها، مشيراً إلى أن الأمانة لديها مشروعات، تزامنت مع مشروعات أخرى كالصرف الصحي، ومشروع تصريف الأمطار والسيول، والكهرباء، داعياً إلى ضرورة تحمّل ما يحدث في المحافظة حالياً؛ كون "جدة" كلها تمر بمرحلة نمو وبناء انسجاماً مع دعم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، مشدداً على أن "جدة" ستكون أجمل بعد الإنتهاء من أعمال المشروعات.
قلّة التنسيق سببت زحاماً في الشوارع وتضطر أن تسير في كلا المسارين باتجاه واحد
أيمن النفجان
م.عبدالعزيز كابلي
عدنان فقيها
م.موفق الهاشمي
http://www.alriyadh.com/2012/06/05/article741718.html