عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2007, 01:32 PM   #15
صوت الحق
مقاطع جديد

 
رقـم العضويــة: 6240
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشـــاركـات: 15

افتراضي

يقول الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}..

حرب من الله ورسوله.. غاية في التهديد والوعيد، يدل على كبر هذه الخطيئة..

وقد جاءت السنة لتخبرنا بلعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، عن جابر بن عبد الله قال: "
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء".

أي المرابي والذي يقترض بالمراباة والذي يكتب العقد والذي يشهد، كلهم عليهم من الله لعنة، بل قد جاءت لتخبرنا بما يعقد الألسن ويذهل العقول، فأدنى الربا كأن ينكح الرجل أمه.. عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
الربا سبعون حوبا، أيسرها أن ينكح الرجل أمه).

وهل ينكح الرجل أمه ؟!..

إنه غاية في البشاعة والشناعة، قال تعالى: {
ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا}..

فوصف من نكح زوج أبيه بكونه قد فعل فاحشة وأتى مقتا وساء سبيله، فكيف إذن إذا نكح أمه؟..

إن المرابي أشد لعنة ممن نكح أمه، فإذا كان ذلك في أدنى الربا، فكيف إذن فيمن كان يتقلب في أعلى الربا، والذين يملكون المؤسسات التي لا تتاجر إلا بالربا؟..

عن سمرة بن جندب قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
أريت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجلَ بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟، فقال: الذي رأيته في النهر: آكل الربا) .

ويوم القيامة يقوم آكل الربا من قبره يتخبط كالذي أصابه المس، قال تعالى: { ا
لذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس}..

عن قتادة: "تلك علامة أهل الربا يوم القيامة، يبعثون وبهم خبل".
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا:

لم كل هذا الوعيد والتشنيع على آكل الربا خاصة، والراضي لنفسه أن يعطي غيره الربا، والكاتب، والشاهد؟..

أليس الربا يحل أزمة أناس لا يجدون من يداينهم، فيذهبون إلى المرابين فيقرضوهم بالفوائد إلى أجل، وكلما تأخروا زيد عليهم في الربا، لكنهم في مقابل ذلك يخرجون من أزماتهم، فيملكون أرضا، ويبنون بيتا، ويجتهدون في قضاء الدين قبل أن تزيد عليهم الفوائد الربوية؟..

الناس لا يجدون اليوم من يقرضهم إلا المرابون، فما عساهم أن يفعلوا؟..

هل من حل؟..

حيرة يجد الإنسان نفسه فيها...؟؟؟!!!..

بين نصوص بليغة شديدة الوعيد، لا تفرق بين صاحب الحاجة، والمتساهل الذي يقترض من دون حاجة..

فكل النصوص تحذر وتتوعد وتلعن وتعلن الحرب على آكلي الربا، ولا نجد فيها عذرا لصاحب حاجة لم يجد من يقرضه، وإنسان بلغت به الحاجة أنه لا يجد من يقرضه إلا مرابٍ، يأخذ منه أكثر مما يعطيه على مدى الزمن..

فمن الناس من يقف عند الأمر ويخاف مخالفة الرب، فيترك الربا والتعامل مع المرابين، ولو لم يجد من يمده بمال يعينه على أزمات الحياة..

ومنهم من يحنق، ويسخط، ويقتحم، ويعلن قبوله واستعداده لحرب الله تعالى المنتقم الجبار..

هؤلاء المقترضون، فما بال المقرضين المرابين؟..

الذين قد تخطوا باب الحيرة، وصاروا يأكلون الربا ليل نهار، سرا وعلانية، بثقة تامة، ولم يأبهوا لنصوص تزلزل الجبال وتدك الأرض وتنفطر السماء لأجلها مخافة وخشية من غضب الجبار وحربه، على من أعلن العصيان والمخالفة، ما بالهم وكيف حالهم؟..

نعود ونقول: لم جاءت النصوص بمثل هذا الوعيد الشديد؟..

نجيب فنقول:

المرابي ظالم شديد الظلم...

يزداد شبعا، والناس يزدادون جوعا..

وهو السبب في جوعهم، إنه يأكل أموالهم بالقرض والدين، ويضرب لهم أجلا مع زيادة يسميها فائدة، كلما تأخروا في السداد زاد عليهم، حتى يتركهم بلا مال، فيستولي على ما بأيديهم إن كان بأيديهم شيء..

قد كان المرابي في القديم يصطاد ذوي الحاجة، أما مرابي اليوم فيعمل على اصطياد جميع الناس، يخترع الطرق الخبيثة للاستيلاء على أموالهم، بإعلانات براقة داعية إلى وضع الأموال عنده، وبإغراء الناس أن يقترضوا منه مقابل تسهيلات في مجالات البيع والشراء والبناء وغير ذلك..
صوت الحق غير متواجد حالياً