عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-2008, 11:27 AM   #1
لاتدف
مشرف

 
رقـم العضويــة: 6840
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشـــاركـات: 9,668

افتراضي

«الحياة» قابلت معلمات يعملن في قرى «نائية» والغالبية تحمّل السائقين المسؤولية ... «رعب الحوادث» يسيطر على المعلمات وبعضهن يفضل «الاستقالة» على الموت فوق الأسفلت!

حائل - محمد الخمعلي الحياة


لا يزال مسلسل «حوادث المعلمات» يعرض حلقاته المأسوية، «فاجعاً» المجتمع من حين إلى آخر، وسط عجزٍ واضح من الجهات المسؤولة عن إيجاد حلٍّ يلجم معاناة المعلمات، اللائي يعملن في «هجرة» هنا أو «نائية» هناك».
حادثة «السليمي» التي وقعت أول أمس في حائل، وراح ضحيتها 3 معلمات وأصيبت 8 أخريات، جاءت بعد الإعلان عن آلية جديدة تبنتها وزارة التربية والتعليم، تهدف إلى احتواء هذه الظاهرة وتطويق أسبابها والحد منها.
منظر المعلمات وهنَّ ينزفن على الطرقات بات «مكرراً»، وأعداد الضحايا منهن في ازدياد، أجبر معلمات يعملن في المدارس النائية على عقد العزم على توديع مهنتهن «المميتة»، بدلاً من المخاطرة بالذهاب من دون ضمان لـ «العودة»!
وحين قررت معلمة العلوم شوق عبدالله التي تعمل في مدرسة «نائية» أن تودع زميلاتها أمس في آخر يوم لها في المدرسة، مفضلة البقاء في منزلها على أن تعرّض نفسها لخطر الموت على الطرقات، بعد أن سمعت بخبر حادثة «السليمي». قالت: «اتخذت القرار بشكل نهائي ولا رجعة فيه، ولا أعتقد أنني بحاجة إلى التفكير الطويل، فالجلوس في البيت ليس وراءه عائد مادي، لكنني أريد أن أعيش لأرعى أبنائي وارتاح من الضغط النفسي، والقلق الرهيب، الذي أعانيه يومياً».
وترى «شوق» أن السبب الرئيسي وراء كثرة حوادث المعلمات يتحمله السائقون، إذ إن غالبيتهم من كبار السن، وجُلٌّهم يعاني من ضعفٍ في البصر.
وتروي شوق معاناتها وزميلاتها مع سائقهن «الشيخ»، الذي يبلغ من العمر 56 عاماً، وتقول: «كانت سيارته من نوع «جمس» قديم، وكان يتقاضى من كل معلمة 400 ريال، ولأن المبلغ كان في نظرنا مغرياً، اتفقنا معه على أن يقوم بتوصيلنا إلى مدارسنا إذ كنا 14 معلمة على رغم أن سيارته لم تكن تكفي سوى لـ7 معلمات، وكان كثيراً ما يكلف ابنه بتوصيلنا إلى مدارسنا حينما يشتد عليه المرض، إذ إنه يعاني من الضغط والسكر وضعف النظر والروماتيزم».
وتذكر أن ابنه البالغ من العمر (24 عاماً) تأخر ذات يوم عن المجيء إلى منازل المعلمات، فتعمد حينها قيادة السيارة بسرعة عالية (180 كلم) وحينما استوقفته الدورية الأمنية ومنحته مخالفة السرعة، ألزمنا وقتها والده بتسديد قيمة المخالفة، معللاً ذلك بأن ابنه كان يقود السيارة بسرعة عالية من أجل ألا يتأخرن عن الموعد المحدد للحضور.
وتؤكد المعلمة عبير الصالح أنها أصبحت تفكر جدياً في تقديم استقالتها بعد انتشار الرعب بين المعلمات وتقول: «الكثير من أولياء أمور المعلمات نظرتهم مادية بحتة، إذ إنهم يبحثون عن السائق الأرخص، ويتجاهلون اشتراطات السلامة في سبيل توفير المال».
وتبدي استغرابها من السائقين الذين يقومون بإزالة «المراتب»، من أجل أن تتسع السيارة لأكبر قدر ممكن من المعلمات، حتى إن السائق حينما يقوم بالضغط على «الفرامل»، تتساقط المعلمات بعضهن على بعض، فكيف يكون الوضع حينما يتعرضن لحادثة مرورية؟».
وتقول المعلمة أم يزيد (تعمل في قرية تبعد 220 كلم عن حائل) بصوت مبحوح ونبرة حزينة: «أهالي حائل صلوا أمس على بناتهم المتوفيات وليسوا أول من يصلي على جمع من المعلمات، ولن يكونوا الأخيرين، فحوادث المعلمات لدينا باتت شبحاً مرعباً لا يمكن السكوت عليه».
من جهته، يحمّل يزيد المرشد شركات نقل المعلمات وسائقيها المسؤولية الأكبر في الحوادث المأسوية للمعلمات، ويقول: «معظم الشركات تتلاعب بعملية الفحص الدوري للسيارات، إذ إن شركة النقل يكون لديها أكثر من 30 سيارة، فحينما تقوم السيارة السليمة باجتياز الفحص يتم نقل إطاراتها إلى سيارة أخرى، لتجتاز الفحص، وهكذا...».
ويضيف: «كما انهم يتعمدون توظيف سائقين كبار في السن، لأن أجورهم قليلة، من دون النظر إلى أوضاعهم الصحية التي قد تكون عائقاً أمام القيادة الآمنة».
وتؤكد اختصاصية الطب النفسي هند بركة، أن حالات القلق النفسي انتشرت بين معلمات القرى النائية بشكل لافت، في ظل تزايد أعداد الحوادث، مشيرة إلى أن الكثير من المعلمات أصبحن بحاجة إلى معالجة نفسية، للخروج من مأزق القلق النفسي المسيطر على مشاعرهن.
وتنهي اختصاصية علم النفس حديثها بالقول: «أتمنى أن تلجأ المعلمات إلى العيادات النفسية، بدلاً من اتخاذ قرار ترك العمل بشكل ارتجالي وغير مدروس».
من جانبه، أكد قائد القوة الخاصة في أمن الطرق بحائل العقيد سعد حسن الجباري لـ «الحياة»، أن نقاط التفتيش الممتدة على الطرق تقوم بواجبها على أكمل وجه، إذ إنها تقوم بالتأكد من أن سائقي نقل المعلمات يطبقون اشتراطات السلامة، ويحملون تصاريح النقل، إضافة إلى أنها تقوم بمسح شامل للطرق كافة لإزالة العوائق منها، ووضع اللوحات التنبيهية إذا لزم الأمر.

___________________________

لاتدف غير متواجد حالياً