عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-2008, 03:49 PM   #4
Saudi Mqataa
إعلامي المنتدى

 
رقـم العضويــة: 4093
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشـــاركـات: 2,362

افتراضي

في مواجهة الـ"فتنة"

GMT 21:45:00 2008 الأربعاء 2 أبريل

الغد الأردنية

محمد ابو رمان
اتصل بي صديق مغاربي مقيم في هولندا، وناشط في مجال الحوار الحضاري والديني، معرباً عن قلقه من التأثيرات السلبية لفيلم "فتنة" (الذي بثه النائب المتطرف خيرت فيلدريس على الإنترنت) على جهودهم المتواصلة في تجسير الهوة مع الغرب ومواجهة الصوت المتطرف هناك، وكذلك على الاستقرار الاجتماعي والسياسي للجالية الإسلامية الكبيرة في هولندا.

الصديق المغاربي أرسل لي مجموعة من الوثائق والرسائل التي تظهر مستوى القلق والحوار داخل هولندا حول الفيلم المسيء، والدور الكبير الذي تقوم به أوساط سياسية ومدنية ودينية ضد النائب المذكور. ومن هذه الوثائق كتاب متميز عن "وضعية المسلمين في هولندا"، يتحدث عن العلاقات المتميزة من التعايش بين المسلمين والآخرين، والانجازات التي استطاعت الجالية المسلمة هناك تحقيقها، وهي الانجازات التي تسعى النخبة اليمينية المتشددة إلى تحطيمها.

الموقف المتنامي الرافض، لفيلم "فتنة" ولأفكار فيلدرس واتجاهه، أخذ منحى متصاعدا داخل هولندا؛ فعلى المستوى الرسمي تعرّضت ملكة هولندا نفسها لنوايا فيلدرس - قبل عرض الفيلم- في خطابها بمناسبة عيد الميلاد (نهاية 2007) محذرة من الإساءة للحرية الدينية ولمشاعر الآخرين. وهنالك تيار عريض داخل المجتمع المدني ومؤسساته ولدى الشركات الهولندية يأخذ الموقف نفسه، وقد رفضت كافة وسائل الإعلام عرض الفيلم احتراماً لمشاعر المسلمين، وكذلك ادانت أوساط برلمانية هولندية عديدة ورجال دين مسيحيون ويهود هذا الفيلم بصورة واضحة.

هذه المواقف موثقة في التقرير الذي أصدرته "الهيئة التنسيقية الوطنية للمغاربة في هولندا" بعنوان ("فتنة" وابتلاء وصبر وثبات: من أجل مواجهة حكيمة وهادئة ومنصفة للفيلم المسيء للقرآن والرسول في هولندا). ويتضمن التقرير معلومات قيّمة حول خلفية النائب الهولندي السياسية والفكرية المعادية للإسلام وأهداف حملته والاستراتيجية التي تعتمدها الجالية الإسلامية بالتعاون مع مؤسسات ومجموعات هولندية.

يؤكد التقرير على أنّ الهدف الرئيس لفيلدريس هو إثارة النعرات الدينية وجرّ العرب والمسلمين لردود فعل عنيفة للإساءة لصورتهم وتعزيز انطباع تحاول مجموعات يمينية ترسيخه بأن الإسلاميين والملتزمين فاشيون، وأنهم خطر على أمن أوروبا وهولندا. ولعلّ إحدى المشكلات التي تواجه الجالية المسلمة هنالك أنّ حادثة اغتيال المخرج الهولندي فان خوخ عام 2005 ماتزال حاضرة لدى الرأي العام الهولندي والأوروبي.

ما يهدف إليه التقرير بوضوح هو التأكيد - أولاً- على أنّ موقف فيلدريس من الإسلام لا تشاركه فيه اغلب شرائح وقوى المجتمع الهولندي، بل هنالك بيانات ومواقف رسمية ومدنية وقانونية وإعلامية معلنة وصريحة ضده. وثانيا أنّ ما يريده فيلدريس هو الشهرة الإعلامية واستثارة ردود فعل غاضبة ضد جميع الهولنديين وربما الغربيين لتأكيد مقولته بالخطر الإسلامي وصراع الحضارات لتحطيم الجهود الكبيرة المتراكمة التي تبذلها المؤسسات الإسلامية في هولندا منذ عقود، واستطاعت من خلالها بناء مفاهيم وقيم وأسس مشتركة للتعايش مع الهولنديين ولتقديم صورة حضارية عن الإسلام.

أحسب أنّ التقرير يلفت الانتباه إلى ملاحظات وقضايا رئيسة تدفع الضرورة إلى وضعها في الاعتبار في سياق الحملة المضادة للفيلم الهولندي والرسوم الدانماركية؛ في مقدمة ذلك أنّ تلك الحملة منظمة ومدروسة لها أهداف استراتيجية ترتبط بطلب الفريق القائم عليها الشهرة السياسية والإعلامية والترويج لأجندته اليمينية المتطرفة ضد المسلمين في أوروبا. لكن تحقيق هدف الحملة المسيئة يعتمد على "تعميم فكرة الصراع" وخلق ثنائية الإسلام والمسيحية أو الشرق والغرب، وهي ثنائية غير صحيحة، إذ أنّ التيار اليميني الذي يقود الحملة مايزال يمثل أقلية تستغل مساحة الحرية الإعلامية والسياسية لتمرير مخططها الصدامي.

بالتأكيد ليس المقصود هو الصمت والسكوت على هذه الحملة المبرمجة، بل المطلوب هو إدراك حقيقي لأبعاد الهجمة ومن وراءها واتخاذ خطوات وجهود عقلانية ذكية لمواجهتها، تقوم أولاً على رفض فكرة تعميم الصراع، وثانياً على الحوار والتنسيق مع المؤسسات السياسية والمدنية الرافضة لهذا التيار وأجندته, وثالثاً على عدم الاكتفاء بدعوات التنديد والرفض لهذه الحملة المعادية وإنما بتبني حملة إعلامية تثقيفية بالإسلام ومبادئه وقيمه، ورابعا على دعم الجاليات المسلمة هناك وتحقيق التواصل معها بما يخدم دورها باعتبارها قنطرة للتواصل الحضاري والثقافي مع الآخر من ناحية، وباعتبارها -من ناحية أخرى- الأكثر قدرة على إدراك مجالات التأثير على النخب والرأي العام في تلك المجتمعات وصوغ الاستراتيجية الأنجع في مواجهة النخبة اليمينية المتطرفة.

نصرة الإسلام والرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) ليست حقّاً بل واجب. لكن من الواجب أيضاً البحث في طرق تحقيق هذا الواجب بعيداً عن منطق الارتجال والانفعال وركوب الموجة. المطلوب رؤية استراتيجية مبنية على تحطيم أهداف النخبة اليمينية المتطرفة بدلاً من تحقيق أهدافها.

ما يؤكد الملاحظة السابقة اعلان سياسي هولندي مغمور عن عزمه نشر فيلم يسيء إلى زوجات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، مما يبدو واضحاً أنّ الإساءة للإسلام والرسول أصبحت سُلّماً للشهرة، وأحيل في هذا السياق إلى هاجس الدكتور يوسف القرضاوي بأننا نساهم أحياناً - بغير قصد- في شهرة هؤلاء المغمورين!

http://webproxy.yeuxverts.net/nph-pr...8/4/318127.htm

___________________________

كلنا فداء للوطن







Saudi Mqataa غير متواجد حالياً