الموضوع: الثور الأبيض
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-07-2008, 07:52 PM   #1
أحمد الخزرج
مقاطع متميز
 
الصورة الرمزية أحمد الخزرج
 
رقـم العضويــة: 85
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: الرياض
المشـــاركـات: 2,180

افتراضي الثور الأبيض

Atrairy@ksu.Edu.SA


الجميع يتذكر قصة الثيران الثلاثة التي تمكن الأسد من افتراسها واحداً تلو الآخر، وذلك بعد أن أقنع كل واحد منها بأنه سينجو من الموت إذا ما تعاون مع الأسد على الثورين الآخرين، ما جعل كل واحد منها يصدق الأسد، ويتخلى عن مساعدة الثيران الأخرى، وذلك بعد أن تفرد بكل واحد، وقطع الأواصر فيما بينها، وقضى على الروح الجماعية، ما أضعفها بعد أن وجد كل واحد منها نفسه وحيداً في الساحة أمام الأسد الجائع الهائج. هذه القصة تشكل أسلوباً أدبياً ذا قيمة سياسية، حيث استخدمه الكثير من الكتاب للإشارة إلى الأوضاع الاجتماعية أو السياسية على ألسنة الحيوانات تفادياً لبطش الساسة، وقهرهم فيما لو تم نقد الأوضاع القائمة بصورة مباشرة، وقد كان لعبد الله بن المقفع باع طويل في هذا النوع من الكتابات، كاشفاً بذلك الأوضاع السائدة في وقته، واصفاً إياها من خلال مجتمع الحيوانات. تداعت هذه القصة إلى ذهني عدة مرات خلال الأيام الماضية خاصة حين قدم المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية ادعاءه ضد السودان، وطالب بإصدار مذكرة توقيف بحق مجموعة من المسؤولين السودانيين، وعلى رأسهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وقد تداعت إلى ذهني أحداث، وصور أخرى من الواقع العربي، والإسلامي، وكل هذه الصور تكشف واقعاً نفسياً واجتماعياً، وسياسياً ترتبت عليه هذه النتيجة، وغيرها من النتائج السابقة، وما قد يترتب في المستقبل. قصة الثيران الثلاثة أصبحت حكمة تتداولها الأجيال، وتتكرر على ألسنة الناس، وتعكس تجربة يمكن الاستفادة منها، حيث القصة انتهت إلى المثل القائل: "أكلت كما أكل الثور الأبيض"، وأرجو ألا يظن أن الثور الأبيض هذا المقصود منه الثيران الدنماركية التي حاولنا عبثاً مقاطعة منتجاتها، إذ إن أوروبا بكاملها سياسييها، ومفكريها، وإعلامها، وكافة قطاعات المجتمع الأوروبي وقفت متضامنة مع الدنمارك، مناصرة لها ، معتبرة أن نشر الصور المسيئة لمشاعر المسلمين بحق رسولهم ما هو إلا من باب حرية الرأي، وقد أفلحت الوقفة الأوروبية مع الدنمارك وتكسرت على صلابتها مقاطعتنا، وعادت السلع، والبضائع الدنماركية إلى الأسواق، ولم يتأثر إنتاج الدنمارك من الحليب ومشتقاته بفعل التضامن، والوقفة الجماعية التي اتخذتها أوروبا بجانب الدنمارك.
الخطوة التي أقدم عليها لويس مورينو أو كامبو مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية من الممكن أن يترتب عليها الكثير من المشكلات، والتغيرات سواء على المستوى الداخلي في السودان، أو على المستوى الإقليمي ، فعلى المستوى الداخلي قد تحدث الحرب الأهلية، ويتفكك السودان خاصة أن رأس الدولة مهدد، ومطالب بالقبض عليه، ومثوله أمام محكمة لم توقع على إنشائها السودان. أما على الصعيد الإقليمي فإن أي تغير في السودان سيمتد أثره إلى جيرانه، وإلى ما هو أبعد من جيرانه، إذ إن النيران قد تنتشر بسرعة في كافة دول المنطقة العربية. لو عدنا إلى الماضي القريب نجد أن صوراً مشابهة حدثت كما في العراق، وأفغانستان، والكل يعرف ماذا حدث ويحدث في هذين البلدين حيث القتل، والتدمير، والتمزق، والتحارب الداخلي الذي أصبح خطره ليس محصوراً في العراق، وأفغانستان بل نجد جيران العراق يهددهم الوضع العراقي، كما أن الوضع في أفغانستان أصبح يهدد باكستان، وإيران، ويمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ إن الوضع ليس وضعاً أمنياً فقط، بل هو وضع نفسي، وثقافي، وفكري، وهنا مكمن الخطر الذي قد يداهم الجميع في أي لحظة، لا سمح الله، فيما إذا سمح له أن يمتد. سياسة المسارات المنفردة والتعامل الثنائي المؤقت استخدمتها إسرائيل ووظفته توظيفاً جيداً ونجحت في تحقيق أهدافها حين وقعت اتفاقيات ثنائية مع مصر على حدة، ومع الفلسطينيين على حدة، وذلك كما عرف باتفاقية أوسلو والتي نرى نتائجها الآن على أرض الواقع العربي، والفلسطيني بشكل خاص حيث التشرذم، والضياع الذي لا حدود له، وعدم تحقيق أي هدف من الأهداف التي من أجلها ذهب المفاوض الفلسطيني إلى أوسلو، كما أن سورية تسير في الوقت الراهن في هذا الطريق. ماذا يجب أن نفعل إزاء الأزمة التي افتعلها مدعي عام محكمة الجنايات الدولية بإيعاز من مجلس الأمن؟ هل يترك السودان وحده يواجه هذه الأزمة، ونحن نمني، ونوهم أنفسنا بأننا بعيدون عن النار، وفي مأمن من المخاطر التي ستحدث لو ترك السودان لوحده؟ أم أن الأمر يستوجب أن نقف مع السودان في وجه العدوان الذي لا يستهدف نظامه السياسي فقط، بل أنظمته الاجتماعية، والثقافية، والحضارية، وموارده الاقتصادية، خاصة بعد اكتشافات النفط التي تبشر بالخير لذلك الوطن، وجيرانه وأمته.
دعت الجامعة العربية إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لتدارس الوضع، بعدما تقدم به مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وهذه خطوة تبشر بالخير، وتكشف عن أن الأمة تجري في دمائها مشاعر الأخوة، لكن هذه الخطوة يفترض أن تترتب عليها إجراءات، وعمل فعلي لمواجهة الخطر الذي يواجه السودان، وهذه تحتاج إلى عزيمة، ونبذ مشاعر الخوف، والتردد، والتخاذل التي قد تنتابنا كبشر بين الفينة والأخرى. إن الشعور المؤقت بالأمن الذي نحس به في الوقت الراهن لا يمكن له أن يستمر ما لم نستحضر ماضينا، ونتعرف على الأخطاء التي وقعنا فيها، حين تركنا بلداً عربياً كالعراق يفعل فيه ما فعل، ويقع تحت الاحتلال وتهدد وحدته في كل لحظة، كما أن استمرار الشعور بالأمن لا بد من توفير مستلزماته، وأولى هذه المستلزمات استشعارنا بقوله تعالى: "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" .. إن حالة التفرج التي قد نزاولها، لا سمح الله، قد تورد السودان المورد الذي وصل إليه العراق، ووقتها لا ينفع الندم، كما أن من المستلزمات العمل على توفير مصادر القوة والعمل الجماعي، والانعتاق من الانكفاء على الذات، وفي قول الشاعر العربي دلالة على فعالية العمل الجماعي حيث يقول:

تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا

إن استمرار سيكولوجية التخاذل في نفوسنا لن يترتب عليه إلا مزيد من الضعف، والاستلاب لشخصيتنا، وثقافتنا، والابتزاز لمصادرنا الطبيعية التي تحرك الغرب ضدنا وتجعله يجهز ملفات كل دولة، فإذا ما فرغ من دولة فتح ملف الدولة الأخرى.

http://www.aleqt.com/article.php?do=show&id=9907

طيب وانت يا دكتور وين جهودك لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
ليه ما تكون مثل المثقفين الأوربيين في دفاعهم عن حرية التعبير ؟

___________________________

أحمد الخزرج غير متواجد حالياً