عرض مشاركة واحدة
قديم 13-04-2014, 09:10 AM   #2
abuhisham
الإدارة

 
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
Twitter

افتراضي

ثمن الهروب من خط الكفاية !

خلف الحربي


جاءت دراسة جمعية الملك خالد الخيرية حول (خط الكفاية) في السعودية مثل دلو ماء بارد سكب على رؤوس عشرات المتثائبين الذين يضعون منذ سنوات خططا لا علاقة لها بالأمر الواقع لحل المشكلات المزمنة في المجتمع، فقد أكدت الدراسة أن الحد الذي يفصل الأسرة السعودية عن الوقوع في حفرة الفقر هو أن يكون دخلها قريبا من التسعة آلاف ريال، وهو رقم بعيد جدا عن حدود الرواتب الدنيا في القطاعين الخاص والعام، ما يعني أن عدد الأسر التي عقدت صداقة حميمة مع السيد (الفقر) أكثر بكثير مما كنا نتخيل.

ولأننا تعودنا على الأخذ بالدراسات التي توافق مزاجنا وإهمال الدراسات التي تضعنا في مواجهة الواقع بكل أشواكه، فإنني أشك في أن هذه الدراسة سوف تأخذ حقها من الاهتمام، بحيث تتحول الأرقام الواردة فيها إلى أهداف يمكن الوصول إليها من خلال برامج واضحة؛ لذلك من المرجح أن تتحول هذه الدراسة إلى ملفات منسية في الأرشيف المظلم الرطب، وهكذا كما يحدث دائما نهرب من استحقاقات الحاضر كي ندفع فاتورته الباهظة في المستقبل!.

ولكن قبل أن نبدأ خطة الهروب الموسمية، علينا أن نفكر في ثمن أو بصورة أدق (أثمان) هذا الهروب، وكيف أن هذا الخط الذي هو أقل بقليل من تسعة آلاف ريال يمكنه أن يكلفنا مئات المليارات ليس من أجل تغطيته، بل لمواجهة المشاكل المترتبة على فكرة الهروب من مواجهته، فخطط وزارة العمل ــ على سبيل المثال ــ التي كلفت أموالا طائلة لمواجهة شبح البطالة سوف تتعرض مع مرور الأيام لضربات موجعة، فما دامت فرص العمل المطروحة لا تحقق في أغلبها (ثلث خط الكفاية)، فإن البطالة سوف تكون الخيار المفضل للشباب على عمل لا ينقذ صاحبه من الوقوع في هوة الفقر.

أما خطط مكافحة الفساد، فإنها ستتحول إلى ما يشبه الكتابة على الماء إذا لم تكن كذلك فعلا، فالموظف الذي لا يحقق له دخله الوظيفي ما يضع أسرته على خط الكفاية سوف يكون هدفا سهلا لهوامير الفساد، فالرهان على الموظف المثالي الذي يضع مصلحة العمل فوق حاجات أبنائه هو رهان خاسر مع مرور الأيام، ولا أظنه صالحا للتعميم إلا في المسلسلات الدرامية العربية؛ لأن تحصين الموظف براتب يضمن له الحياة الكريمة هو الضمانة الأكيدة التي تبعده عن أي سلوك وظيفي مشبوه وتمكنه من مقاومة إغراءات الفاسدين.

وبالطبع، ثمة مشاكل لا نهاية لها يمكن أن تنتج عن ابتعاد الأسرة عن خط الكفاية؛ مثل انتشار الجريمة بمختلف أنواعها، وتفاقم ظواهر كالعنف الأسري وانتشار المخدرات، وكلها أمور تكلف الدولة مئات المليارات لمعالجتها، ما يعني أن محاولة الوصول إلى خط الكفاية سوف تكون أقل كلفة، فهل نتصدى لمتاعب هذا اليوم؛ كي نحصد راحة الغد، أم نفعل العكس كما يحدث دائما؟!.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0413691724.htm
abuhisham غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس