عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-2007, 01:11 PM   #2
لا للجشع
مقاطع

 
رقـم العضويــة: 29
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشـــاركـات: 89

افتراضي

هالة القحطاني


المعيشة الضنكة والصمت الرهيب


إذا فرضنا أن المسؤولين الآن يعملون على تغطية 90% من الطلاب المتخرجين هذه السنة ولم تقبلهم جامعاتنا السعودية لأنها لم تستوعب سوي 10% ...وهناك خطة يحبكها الآن في وزارة التربية والتعليم العالي مجموعه من الخبراء والمختصين الذين يعلمون مدى خطورة ترك 90% من الطلاب في الشوارع للتسكع دون دراسة جامعيه في محاولة إجبارها على استيعاب ذلك العدد الكبير لتفادي مشكلة البطالة القادمة التي ينذر بها المستقبل وبالتالي لتلافي ازدياد عدد المحتاجين في البلد خلال الخمس أو الست سنوات القادمة.
هذه البطالة إذا لم تعالج من بدايتها ستكون أحد العوامل التي تسرع في زيادة عدد الفقراء والمحتاجين في المملكة ... ولو عرفنا بشكل سريع الفرق بين الفقير والمحتاج ... لوجدنا أن الفقراء هم من لا يجدون قوت يومهم ولا يملكون العديد من الأساسيات مثل : الطعام و الملابس وحتى الكهرباء... ويعيش معظمهم على إعانات الجمعيات الخيرية وإحسان بعض المحسنين الذين يعلمون بأحوالهم.
والمحتاجين هم العدد الأكبر من السكان ومعظمهم للأسف موظفون ولكن يحتاجون الكثير لكي يعيشوا مستورين دون الحاجة إلى ضم أسمائهم أو أسرهم إلى لائحة العوائل المسؤولة عنها جمعيات البر والإحسان الخيرية المنتشرة في جميع المناطق.
ولكي نستوعب هذا الكلام ... إليكم موظف بسيط يعمل في إحدى شركات الحراسة الأمنية براتب ألفين وخمسمئة ريال.... تفتح أسرته المكونة من سبعة أفراد مكيف واحد أثناء النهار واثنان أثناء الليل لكي ينام أبناؤه الأربعة في غرفة وهو وزوجته ووالدته المريضة في غرفة أخرى وبالكاد يستطيع سداد فاتورة الكهرباء شهريا مع توفير الطعام الذي عادة يتكون من كيس من الأرز وشيء من اللحم في بداية الشهر فقط وبعض الخبز والجبن للإفطار والعشاء وأيضا ينبغي له أن يوفر قيمة إبر وأدوية الأنسولين لأحد أبنائه المصاب بالسكري, يشتري أحيانا بعض التفاح والبرتقال من أمام المسجد مرة واحدة كل جمعتين. وتمر أحيانا أسابيع يتمني فيها الصغار رائحة الموز ولا يذوقونه ... وطبعا لا يحلم أحدهم بشراء قالب من الشوكولاته أو الآيس كريم لأن ذلك يعتبر من مظاهر البذخ والرفاهية للأسرة التي لا تطالهم إلا في الأعياد.
ذلك الموظف سيضطر للتسول قريبا لأنه لا يستطيع أن يوفر الاحتياجات المدرسية البسيطة حين يبدأ موسم المدارس الشهر القادم لأن ارتفاع الأسعار الجنونية جعلت من عيشته صعبه.
التفكير في توفير أدوية والدته وابنه يشغل عقله طوال الوقت ... طلب من جهة عمله أن يعمل ساعات إضافية سمحوا له يومين فقط واستكثرت الشركة أن تدفع له 700 ريال أجر الساعات الإضافية فمنعوه بعدها... والآن احسبوها معي ..كيف يوفر رب أسرة حقائب مدرسية وملابس بعد سداد قسط سيارته الهونداي( جير عادي) المتواضعة الحجم وفاتورة الكهرباء لمكيفين يعملان بالتناوب والهاتف الأرضي وهاتفه الجوال الوحيد الذي اشتراه مستعملا( بطلعة الروح) وقسط الغسالة التي اشتراها بالتقسيط .. وقسط المكيفين على شرط ألا يتضارب كل ذلك مع ميزانية أدوية ابنه ووالدته التي تعاني من نفس المرض بالإضافة إلى الضغط؟
فما يتبقى له من راتبه بعد الأقساط والفواتير يتراوح بين 400-500 ريال يشتري منها المواد الاستهلاكية ويدفع منها البنزين فكيف سيستطيع شراء ملابس وحقائب مدرسية لأربعة أطفال بين المرحلة الابتدائية والمتوسطة وهذه المستلزمات حتى لو اشتراها من محلات أبو ريالين لن يكفي.
هل يعلم التاجر الذي رفع أسعار بضاعته سرقة ونهبا وجشعا بأنه يكاد يقتل أكثر من أسرة بالهم والدين والنكد والأمراض النفسية الأخرى التي تنتشر بين المحتاجين وعلى رأسها الاكتئاب المنتشر بين الموظفين هذه الأيام خاصة بعد انتكاسة الأسهم الذي مازال البعض يعاني من أثرها.
هل تعلم وزارة التجارة أن العديد من الأطفال يحتاجون لملابس محترمة وأحذية لا تحرجهم أمام زملائهم في المدرسة وآباؤهم لا يستطيعون توفيرها لهم سنويا بسبب الفقر المخفي في المجتمع ..ولكن الآن أصبح بشكل علني.
أشارت وزارة التجارة إلى أن ارتفاع تكلفة الأرز زاد بنسبة 35% من مصدره بسبب زيادة الطلب عليه.
هل يعني ذلك أن الناس في السابق كانت تأكل خبزاً.. منذ أن عرفنا أنفسنا في الدنيا ونحن نعرف أن سكان المملكة يعتمدون علي الأرز في غذائهم فما الجديد في الطلب عليه.
المشكلة إلى متى ستظل الوزارة صامتة و تردد فقط أن هذا الارتفاع "مبرر" و"محدود" كل مرة تثار فيها قضية غلاء الأسعار؟
ارتفعت أسعار الحليب والدجاج والخضار بأنواعه والفاكهة وحتى حفاظات الأطفال الرضع وأنابيب الغاز والسكر وصابون الغسيل والأدوية وبطاريات السيارات ناهيك عن الارتفاع الجنوني للإطارات والحديد ( يعني اللي كان يبني بيته توقف عن البناء) ووصلت أسعار البيوت إلى أرقام ليست فقط فلكية بل خارج المجرة بأكملها. والموضوع مازال" مبرراً ومحدوداً" وزاد عدد الفقراء والمحتاجين في البلد...حتى الجمعيات الخيرية التي تساعد الفقراء والمحتاجين تضررت من ظاهرة الغلاء المبالغ فيه حيث أثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في ميزانيتها المتواضعة التي باتت مهدده بعجزها أمام تغطية تكاليف معيشة الفقراء والمحتاجين الذين تكفلهم وترعاهم ولأن تلك الجمعيات لا توفر فقط المعيشة بل تتحمل مصروفات علاج وأدوية لأكثر من أسرة يعاني أحد أفرادها من أمراض مزمنة ومع ذلك لم توفر لها الوزارة خطة طوارئ أو أسعار خاصة لشراء احتياجاتها التموينية من محلات الجملة وغيرها ولم ترحم أو تخفف مما يحدث ولم تقدر رسالتها الخيرية.
وتطورت عملية ارتفاع الأسعار ووصلت حتى إلى علف المواشي ليصل سعر الشعير إلى 100 ريال في بعض المناطق وهذا سيؤثر بشكل سلبي علي قطاع الثروة الحيوانية في المملكة, وإذا عجز أصحاب المواشي عن إيجاد حل لهذه الأزمة سترتفع تبعا لذلك أسعار الأغنام لتختفي على أثرها وجبة الأرز واللحم من جميع البيوت ويحل محلها الخبز فقط هذا إذا لم يرتفع هو الآخر ... ونعرف مقدما ما ستقوله الوزارة إن ارتفاع سعر الخبز مبرر للإقبال عليه.
فمتي ستتحرك وزارة التجارة وتخرج من هذا الصمت الرهيب وتواجه تذمر الناس بتفهم وواقعية ... وإلى أن يتم ذلك بماذا نطعم أطفالنا الآن... بالبسكويت.
وإذا أطعمناهم بسكويت هل تضمن لنا وزارة التجارة ثبات سعر بسكويت الأطفال والتصدي لجشع التجار أم ستكرر اسطوانة مبرر ومحدود.
الناس الآن لا تنتظر تبرير من الوزارة تريد قراراً وتحركاً لأن المشكلة زادت عن حدها وأصبح تجار الأسهم المسروقة ينهبون قوت البلد ويتحكمون في مصير الناس والأسعار بشكل ملحوظ وواضح إذا لم يتم تدخل سريع من قبل المسؤولين في وزارة التجارة والجهات العليا فستتفاقم مشكلة غلاء الأسعار في البلد الذي ينتج الذهب الأسود ويصدره على مستوى العالم والبعض لا يستطيع شراء كيس من الأرز.


http://www.alwatan.com.sa/news/write...=1691&Rname=31
لا للجشع غير متواجد حالياً