عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-2007, 09:46 AM   #13
لا للجشع
مقاطع

 
رقـم العضويــة: 29
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشـــاركـات: 89

افتراضي

ثقافة «المعاريض» في السعودية تغيبها حمى «العرائض الالكترونية»
«لا ترفع الأسعار فالبديل في الانتظار» آخر حملاتها


جدة: إيمان الخطاف
تشترك كثير من المجتمعات العربية في تبني مفهوم كتابة العرائض، أو ما يطلق عليه في بعض دول الشام والعراق ومصر «العرضحالجية»، في حين يسمى ممارسو هذه المهنة في السعودية بـ«كُتاب المعاريض» والذين ينتشرون أمام بوابات المحاكم والإمارات ومكاتب الأحوال المدنية، لكتابة خطابات طلب المساعدة والاسترحام التي ترفع للمسؤولين، نظير مبلغ لا يتجاوز الخمسة عشر ريال (4 دولارات).
ولكن الآن يكون من النادر الآن أن ترى كُتاب المعاريض بمكاتبهم الخشبية وأقلامهم وأوراقهم، بعد أن اجتاحت حمى العرائض الالكترونية شبكة الإنترنت، وأصبحت الوسيلة الأسرع وصولاً والأقل تكلفة للإفصاح عن المطالبات الشعبية. وتفضل فئة الشباب استغلال التقنية الحديثة في جمع تواقيع وتأييد أكبر عدد من الأصوات تجاه إحدى القضايا الشاغلة، ومن ثم رفعها آلياً للمعنين للنظر فيها، عبر الروابط الالكترونية، التي أزاحت فكرة «المفاكسة» أو إرسال المطالبات عبر جهاز الفاكس، والتي ابتكرها المهتمون بمهام المناصحة والإرشاد الديني لفترة مضت.
ورغم قصر عمر ثقافة العرائض الالكترونية في السعودية إلا أنها استطاعت إثارة الرأي العام تجاه العديد من القضايا، حيث يقوم صاحب العريضة بتقديمها للمطالبة بإجراء معين أو وقف إجراء كان قد تم إعلانه، كرفع الحجب عن بعض مواقع شبكة الإنترنت، وتحسين مستوى الخدمات في القطاعات المعنية، وطلب العفو عن الشخصيات التي يتعاطف معها الشعب، أو طلب إيقاف عرض أحد الأعمال التلفزيونية، والمطالبة بالتبرع لبعض الجهات الخيرية، وفي النهاية تقدم العريضة إلى الجهة المختصة، وتكون التواقيع شاهداً على وجود عدد كبير من المؤيدين للقضية محل المطالبة.
وآخر هذه القضايا، الحراك الشعبي الذي أشعل فتيلة مجموعة من الشباب السعودي في حملة الكترونية موسعة جاءت تحت شعار (لا ترفع الأسعار فالبديل في الانتظار)، شنها بعض المستهلكين احتجاجاً على رفع أسعار مجموعة من السلع الإستهلاكية خلال الفترة الأخيرة، بعد أن أنجزوا تصاميم وشعارات حملت أكثر من 30 علامة تجارية، ووزعوها على مواقع الإنترنت السعودية، فيما قام أحدهم بتدعيم الفكرة عبر افتتاح منتدى الكتروني مختص تحت اسم «مقاطعة»، قُسم إلى فئات تضم المنتجات محل الجدل، وهي: المواد الغذائية، والمنظفات، والمحلات التجارية والمطاعم، والأجهزة الكهربائية والالكترونية، والسيارات والمحركات.
إلى ذلك، فإن العرائض الالكترونية تستخدم الكثير من الأدوات من أجل استمالة أكبر قدر ممكن من الموقعين وضمان أصواتهم، من أهمهم الصور المثيرة للعاطفة، والخطابات السرية، ومقاطع التسجيل التي تصور معاناة أحد المواطنين ومن ثم يتم التعامل معها وكأنها حالة عامة يعايشها الأكثرية. ومن الملاحظ ايضا تغير لغة الخطاب فبينما كان كُتاب العرائض اليدوية يدغدغون مشاعر المسؤولين بأساليب در الاستعطاف، يتجه كـُتاب العرائض الالكترونية لمحاكاه انفعالات المواطنين، مع استخدام خطاب يضم كلمات من نوع: الحرية، الأمن، الإنصاف.
وبعيداً عن النطاق المحلي وقضايا الحياة اليومية، فإن المواطن السعودي له صوت مسموع ومشاركة جدية في بعض حملات العرائض الالكترونية الدولية، مثل عريضة مطالبة الدنمارك بالاعتذار للمسلمين أثناء إثارة قضية الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والتي شارك في التوقيع عليها آلاف المواطنين، وعرائض المطالبة برفع حظر ارتداء الحجاب في بعض الدول الأوروبية، وعرائض المطالبة بإيقاف مشاهد التعذيب داخل سجن أبو غريب التي نشرت صورها وكالات الأنباء قبل فترة.
ولم تكتف حركة العرائض الالكترونية بالاعتماد على المواقع الأجنبية المختصة بجمع الأصوات والتواقيع، حيث انطلقت مؤخراً فكرة إلكترونية جديدة تحت مسمى «قف.. الاعتراض من أبسط حقوقك»، وهو عبارة عن موقع متخصص بكتابة العرائض الإلكترونية وجمع أكبر كم من الأصوات المؤيدة لها، حيث يقول صاحبه «إن إطلاق هذا الموقع جاء استجابة لحاجة ملحة في أوساط المستخدم العربي لشبكة الإنترنت، حيث ان العرائض الالكترونية صارت عنصراً مهماً وشائعاً في أهم مناطق العالم بينما يعتمد المستخدم العربي على مواقع أجنبية لإيصال صوته، لذلك قررنا العمل على تنفيذ موقع عربي 100 في المائة يهتم بالعرائض ويستضيفها مجاناً».
تجدر الإشارة بأنه ليس بالضرورة أن يكون الهدف من كتابة العريضة الإلكترونية الخروج بتأييد أو معارضة لإحدى الوقائع الحياتية، بل انها تكتفي في أحيان كثيرة بالرغبة في نشر ثقافة معينة بين الناس، وتسليط الضوء الإعلامي على إحدى القضايا المغيبة، أو الترويج لفكرة تجارية أو بادرة اجتماعية، أو ربما جس نبض المجتمع تجاه إحدى القضايا المستجدة.




لا للجشع غير متواجد حالياً