الخطوط السعودية وسوء الإدارة والفساد

في عهد الشيخ كامل سندي كانت الخطوط تدار بواسطة عقد مع شركة twa الأمريكية، وبدأت بالفعل تنمو لمضاهاة كبار الشركات العالمية وتحقيق الأرباح ، وتم تحديث الخطوط بطائرات البوينغ 707 و 720 كذلك بعدها بطائرات 737-200 وطائرات الترايستار وكان عدد الموظفين في ذلك الوقت لا يتعدى 12 ألف موظف. وعندما تسلم الكابتن مطر إدارةالخطوط، تم التوجيه بأن تكون السعودة بديلاً لشركة twa، وألغي العقد وتم رفع رواتب الموظفين وبالأخص التشغيليين وكذلك موظفين المبيعات والمواجهة، وحدث أسطول الخطوط السعودية بطائرات الجامبو والإيرباص وأدخل قسم الشحن الجوى وألغي عقد شركة أبو الجدايل للتموين وأسس فرع تموين السعودية، وارتفع عدد الموظفين إلى 15 ألف أو يزيد قليلاً .

في عهد الكابتن مطر واجهت الخطوط مشاكل أخرى ، وهى أوامر الإركاب والتي وصلت لمبالغ فاقت العشر مليار ريال من الوزارات والشخصيات الهامة والانتدابات الرسمية وذلك لعدم الدفع ، وتلك كانت الضريبة العالية بسبب إلغاء عقد شركة twa لإدارةالخطوط لأن شركة twa كانت لها القوة بحمل تلك الفئات ووزارات الدولة بدفع الفواتير ،كما نشأت في عهده مشكلة أخرى وهي تكون الشللية والرباطية، كل مساعد للمدير العام له شلته وجماعته ،ويتم عبرها تسيير الأمور في جلسات البلوت وغيرها !!! ، كذلك كثرت التدخلات فى كل صغيرة وكبيرة، وقد استطاع فى بعض الأحيان من مواجهة التدخلات إلى أن حصلت المواجهة الكبرى فى آخر رمضان من توليه إدارةالخطوط عند انعقاد المجلس الأعلى للخطوط وكان الموضوع الذي قدمه الكابتن أحمد مطر وهو شراء طائرات جديدة لتحديث الأسطول وكان المشروع عبارة عن شراء طائرات 777 وكذلك 800-737 وفى تلك الفترة كانت هذه الطائرات وما زالت تعتبر من أحدث الطائرات التي ستصنع وكذلك طائرات الجامبو 400-747 ، ولم تكن بين طيات المشروع أي ذكر عن طائرات md90 أو md11 ولم يتم قبول طلبه، وجاءت التوجيهات بشراء طائرات أخرى ، ففضل الكابتن مطر الاستقالة والرحيل عن الشركة، ومن ثم أتى البكر الذي لا يعلم حتى أبجديات الطيران، وعندما علموا خفافيش الشركة (الشللية) خاصة التسويق ، بأن رئيسهم مثل الأطرش في الزفة أقاموا له الحفلات !!! وأخذوه إلى جانبهم وبدأت الكارثة تحل بالخطوط السعودية. بدأ تقليص رواتب الموظفين التشغيليين وموظفي الصيانة وموظفي المواجهة والمبيعات وإلغاء البدلات لهم .. وتم تغيير مشروع شراء طائرات جديدة بإلغاء 800-737 وبدلاً عنها شراء طائرات md90 و md11 من شركة (ماكدونالد – دوجلاس ) المفلسة والتي أعلنت أنه سيتم انضمامها إلى شركة بوينغ، ورغم ذلك تم شراء إل md90 و md11 قبل شهرين فقط من انضمام شركة ( ماكدونلادس – دوجلاس ) إلى شركة بوينغ مقابل صفقة طائرات f16. أتى البكر بأصدقائه من جامعة البترول ومنهم الجفري الذي من أفكاره (لكي تدخل الخطوط فى عالم الأرباح إلغاء تذاكر الوالدين ومساواتهم بالخادمة، وأخذ نسبة من الراتب لعلاج الموظفين و عوائلهم)، كذلك كان له الفضل في فكرة الطائرات المستأجرة من تركيا بدلاً من تحديث الخطوط بطائرات جديدة وتوقيع عقود استئجار لعدة سنين، وإلغاء كل البدلات لموظفي المواجهة والتشغيليين.
إنشغل البكر فى هذه الفترة بتلميع صورته أمام الدولة وإقامة الحفلات فى الخارج أكثر من الداخل وتسليم شئون الموظفين للدكتور حاتم أبو الجدايل، وارتفع عدد الموظفين فى آخر عهده إلى 31 ألف موظف نسبة الإداريين تزيد عن 60% من مجمل الموظفين، وارتفع عدد موظفي المواجهة والتشغيل والمبيعات فقط 5%.
في عام 2003 بالتحديد أتت شركة بوينغ لعرض طائرات 787 دريم لاينر الجديدة وكذلك شركة إيرباص لعرض طائرات 380 a بالفيديو للبكر وإعطاء الأفضلية للخطوط السعودية بتسليم أول دفعة من هذه الطائرات للخطوط، وكان رد البكر أن الخطوط السعودية ليست بحاجة للتوسع ولا تريد شراء طائرات جديدة ، ثم بعدها بفترة وجيزة أتى بطائرة إمبراير البرازيلية والتي تتأثر أحياناً بكثافة الهواء ولا يمكنها الذهاب إلى بعض مناطق المملكة في بعض الأوقات نتيجة القوة الطاردة للمكينة وكثافة الهواء ، كما أن الإحتياج التشغيلي كان لطائرة تغطي أبها والمحطات المحيطة بها في جنوب المملكة ، وتغطي حائل والمحطات المحيطة بها في شمال المملكة ، فكان المفروض إحضار طائرات تناسب وضع هذه المناطق، وبعد توقيع العقد ونتيجة لنقص الأسطول اضطرت الخطوط لوضع طائرات إمبراير في رحلات تكون فيها السعة المقعدية غير مناسبة لتغطية الطلب للوجهة المطلوبة وتأثرها بالطقس في تلك المناطق . ومن سلبيات البكر أنه أنشأ قسم التخطيط المستقبلي لحركة المسافرين وأتى بأناس ليس لديهم علم بما هو التخطيط المستقبلي ، وبدلاً من إنشاء محطات جديدة لها ثقل فى حركة المسافرين مثل كندا وأستراليا واليابان والبرازيل تم إقفال محطات لها ثقل مثل هونج كونج و كانو وطوكيو ومدريد .
ومن عبقرية البكر عند تسلم رئاسة الخطوط أراد أن يخفض من فاتورة وقود الطائرات باقتراح فذ ، وهو ( بعد إقلاع طائرة الجامبو تتطفئ محركين ومن ثم تكمل الرحلة بمحركين فقط لتخفيض نسبة استهلاك الوقود) ما دروا عنه الشركات المصنعة للطائرات كان يمكن أغروه واستقطبوه بالعمل لديهم. ومن المشاكل الكبرى في عهده ، السيولة المالية وترحيل مبالغ الدخل (مثل تذاكر الركاب ) وتحويلها إلى وزارة المالية مباشرة ، ومن ثم واجه مشكلة أخرى هي أن وزارة المالية عندما يدخل المال إلى حسابها يجب عليك الانتظار إلى نهاية السنة المالية لموازنة الميزانية ومن ثم إعطائك المال الذي تحتاج، وكانت المشكلة الكبرى هي دفع رواتب الموظفين وعقود توريد قطع الطائرات وعقود الفنادق لإسكان طاقم الطائرة وفواتير الوقود وإلى أخره، وتفتقت العبقرية الذهنية بحل لم يكن له مثيل وهو الاقتراض من البنوك بفوائد عالية لسد العجز فى الميزانية ، وما زالت حتى الآن الخطوط تدفع للبنوك لسد تلك القروض حتى أن بعض الطائرات نقلت ملكيتها لتلك البنوك كضمان لقرضها ومحقت البركة من رواتب الموظفين .

ثم أتي الملحم ليستلم شركة أقبلت على الإفلاس ينخرها الفساد الإداري من كل صوب وليست لديه صلاحيات لعزل المفسدين فى الشركة لأنهم أصبحوا مدراء عموم ومساعدين تنفيذيين للمدير العام ، وعزلهم يتم فقط من الجهات العليا ومنهم الجفري الذي نقل من التسويق إلى التدريب ، وما زال أبو الجدايل يُفغص في الموارد البشرية ، و الحازمي والطيب ( أظنهم وصلوا إلى هذه المراكز بدعوات أمهاتهم ) وغيرهم كثير ، ( ما شاء الله أكبر شركة فى العالم تضم مدراء عموم و تنفيذيين) ..الشركة الآن بدأت تفتقر لخدمات ذوى الخبرة لأنهم لم يجدوا الرعاية فى عهد البكر ، والملحم لم يستطع رفع رواتبهم ولا حتى استرجاع البدلات التي ألغاها البكر إلا في أمور بسيطة في التذاكر ، وأصبح الموظف يدرك تماماً بأن حال الخطوط من سيء إلى أسوأ ، وبدأ التسرب من الصيانة والطيارين ومن موظفي المواجهة وعندما علمت الشركات الأخرى أقدمت على استقطابهم ودفع رواتب لهم أضعاف ما يتقاضوه من الخطوط، أعرف طياراً قدم استقالته من الخطوط وبدأ العمل مع شركة أخرى وكان فرحاً جداً ويأسف على الوقت الذي قضاه مع الخطوط السعودية وذكر مميزات الشركة الأخرى منها مبلغ الراتب يزيد عن ما يتقاضاه فى الخطوط من 9500 ريال فى الشهر إلى 25000 ألف ريال فى الشهر و 13 راتب فى السنة غير بدل السكن 115 ألف ريال وعلاج شامل حتى الوالدين فى أفضل المستشفيات الإقليمية والعالمية وتذاكر درجة أولى شاملة الوالدين وكذلك تتحمل الشركة دفع رسوم ومصاريف أبنائه للدراسة وتأمين شامل للحوادث سواء كان فى الخدمة أوخارج الخدمة ، حتى حوادث السيارات وتأمين المواصلات له ولأهله و8 أيام فى الشهر ليقضيه مع أهله و 45 يوم إجازة سنوية مدفوعة الأجر وكذلك انتدابه لدورات دراسية فى أوروبا وأمريكا لتطوير مهارته ( فهل تتوقع منه أنه لن يخدم عمله بكل إخلاص بعد تلك المزايا ولا يكون عنده انتماء ؟؟؟ ) . أما الملحم فصلاحيته محددوة لتوقيع عقد لا يتعدى مبلغ 5 ملايين ريال ، كذلك ليست لديه صلاحية استرجاع بدلات مكافأة الموظفين المجتهدين مع إن هنالك ( بنداً سابقاً) من صلاحيات المدير العام رفع رواتب الموظفين المجتهدين والمخلصين فى العمل . هذه هي حال الخطوط السعودية ولن يتم إصلاحها إلا بمعجزة.