ابتسم .. أنت في «عنيزة» !


خالد السليمان
الابتسامة في «عنيزة» ليست خيارا، بل هي جزء من طبيعة الحياة في تلك المدينة الصحراوية التي وصفها السابقون بباريس نجد، وإذا كانت بعض مدن العالم ظنت أن الابتسامة يمكن أن تطلبها لوحة إعلانية تستقبل الزائرين عند مداخلها، فإنك في عنيزة تبتسم دون الحاجة لأن يطلب ذلك منك أحد!!
فطبيعة الحياة في المدينة تبعث على الراحة والانشراح، وطيلة خمسة أيام قضيتها في «عنيزة» لا أتذكر أنني قابلت وجها مكفهرا، أو مرت بي لحظة فقدت فيها زمام الفرح، فأناسها المضيافون لكل غريب يطرق دروب مدينتهم، عجنوا بالمروءة والشهامة، بينما تمددت المدينة بكل انتظام وارتياح ينسيك زحام وضغط المدن المكتظة!!
من الأمور المفضلة التي فعلتها كل يوم كان زيارة سوق «المسوكف» الشعبي الذي أشرف على إنشائه أستاذ بناء العمارة الطينية التراثية إبراهيم الحمدان، حيث ينقلك «المسوكف» إلى زمن آخر بكل الوجوه السمحة التي فيه ومتاجر الذكريات التي تحتل جوانبه، وقد قابلت سائحا جاء مع أسرته من الدمام، قال متباهيا إنه قضى في «المسوكف» أربع ساعات، فقلت له: وأنا قضيت أربعة أيام!!
وفي «عنيزة» تشعر بأنك تملك الوقت كله، لكنك تملك في نفس الوقت أن تشغل كل دقيقة فيه بما يلبي رغباتك، فالمدينة حافلة بالمواقع السياحية والأثرية والترفيهية الرائعة، ومنتزهاتها الطبيعية الصحراوية الساحرة التي ترسم أشجار الغضى ملامحها على مرمى بضعة كيلو مترات لم تعزلها الحواجز ولا الأسوار!!
أما النشاطات الثقافية فلا تنقطع، ففي كل صباح ومساء هناك محاضرة علمية أو ثقافية، وأمسية أدبية أو شعرية، بينما تقف الجمعية الصالحية في وسط عنيزة منارة للثقافة وإشعاعا للفكر!!
وإذا كنت تظن أنك على موعد مع النوم المبكر في «عنيزة» فأنت مخطئ، فلا مساء في عنيزة لا يتمايل فيه سكونها على قرع طبول «السامري» الأصيل في دار عنيزة للتراث، حيث يصطف بعض شيب وشباب «عنيزة» متقابلين ليحلقوا بك إلى النجوم بالأهازيج الأصيلة والأشعار الجميلة!!
إنها «عنيزة» التي قال فيها شاعرها علي الخياط (راعي البندق) عام 1270هـ:
هذي عنيزة ما نبيعه بالزهيد ** لا فرعن البيض نحمي جالها
Jehat5@yahoo.com

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0403409696.htm