أكدت أن نقيب المحامين الأردنيين أساء مباشرةً للنبي والواجب عليه "التوبة والاستغفار"
الهيئة العالمية للتعريف بالرسول: تصريحات أرشيدات تهوين صريح من مقام "النبوة"
سبق- الرياض: أكدت الهيئة العالمية للتعريف بالرسول - صل الله عليه وسلم - ونصرته أن التصريحات المنسوبة لنقيب المحامين بالمملكة الأردنية الهاشمية المحامي مازن أرشيدات إساءة مباشرة للنبي - صل الله عليه وسلم - بل إن فيها تهويناً صريحاً ومباشراً من مقام النبوة ومن الكمال النبوي الذي امتنّ الله به على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
وأوضحت الهيئة في بيان، حصلت "
سبق" على نسخة منه، أن الأمانة العامة للهيئة تابعت ما صدر مؤخراً عن نقيب المحامين بالمملكة الأردنية؛ حيث قال في لقاء حواري تلفزيوني لإحدى الفضائيات الأردنية: "إن المشكلة فيمن يجلس على كرسي القضاء، وإذا رجعنا إلى مجلة الأحكام العدلية سنجد 40 صفة للقاضي، وهذه الشروط يمكن أنها غير موجودة بالنبي محمد"!!
وفيما يأتي نص البيان:
الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم على مُعلِّم البشرية وهادي الإنسانية، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فانطلاقاً من رسالة الهيئة العالمية للتعريف بالرسول - صل الله عليه وسلم - ونصرته المنبثقة من رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومن خلال وسائلها في تحقيق هذا الهدف السامي وما يقتضيه من الرصد والمتابعة لكل ما يتعلق بالجناب النبوي الشريف، فقد تابعت الأمانة العامة للهيئة ما صدر مؤخراً عن نقيب المحامين بالمملكة الأردنية الهاشمية المحامي مازن أرشيدات؛ حيث قال في لقاء حواري تلفزيوني لإحدى الفضائيات الأردنية: "إن المشكلة فيمن يجلس على كرسي القضاء، وإذا رجعنا إلى مجلة الأحكام العدلية سنجد 40 صفة للقاضي، وهذه الشروط يمكن أنها غير موجودة بالنبي محمد"!!
ولدى مناقشتنا في أمانة الهيئة لهذا التصريح وما تبعه من ردود وتصريحات في داخل الأردن وخارجه، وبخاصة ما صدر عن دائرة الإفتاء العام بالمملكة الأردنية الهاشمية، وكذلك ما صدر من تصريحات صحفية للمحامي مازن أرشيدات لتبرير تصريحه حول النبي عليه الصلاة والسلام، وما نص عليه من أنه لم يقصد أن يسيء للنبي - صل الله عليه وسلم - إلى غير ذلك، فإن الهيئة العالمية للتعريف بالرسول - صل الله عليه وسلم - ونصرته تبيِّن موقفها حيال ذلك فيما يأتي:
أولاً: لقد تضمن ذلك الكلام من المحامي - وبلا ريب - إساءة مباشرة للنبي صل الله عليه وسلم، بل إن فيه تهويناً صريحاً ومباشراً من مقام النبوة ومن الكمال النبوي الذي امتنّ الله به على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
ومعلوم حُكْم من تعمد سب الرسول صل الله عليه وسلم، أو تنقصه، وتفصيلهم لأحوال من قصد ذلك وتعمده، أو قال التنقص عن غير قصد.
وفي هذا يقول القاضي عياض اليحصبي (ت 544هـ - رحمه الله) في كتابه (الشفا بتعريف حقوق المصطفى عليه الصلاة والسلام): اعلم - وفقنا الله وإياك - أن جميع من سبَّ النبي صل الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرَّض به أو شبَّهه بشيء على طريق السب له أو الازدراء أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له، والحكم فيه حكم السَّاب.. ولا نستثني فصلاً من فصول هذا الباب على هذا المقصد، ولا يُمترى فيه تصريحاً كان أو تلويحاً، وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيَّره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هلم جرا.
ثانياً: حيث إن ما صدر عن المحامي مازن أرشيدات خطأ بيِّن وإساءة واضحة، وهو محام يدرك تبعات التجريح للأشخاص، فإن الواجب عليه - وهو المحامي المسلم - أن يبادر بتصحيح خطئه بشكل صريح ومباشر، بإعلان التوبة والاستغفار وإعلان اعتقاده بكمال النبي صل الله عليه وسلم واعتذاره الصريح عن هذه الإساءة بلا تبرير؛ فتلك الشروط التي أشار إليها في صفات القاضي هي استنباط للعلماء من معين النبوة الثَّر، وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أجلّ وأشرف وأعلم من مقارنته بأشخاص أو قضاة تتحقق فيهم تلك الشروط أو لا تتحقق؛ فقد شرفه الله بالنبوة وميزه بالعصمة. وقد علَّمنا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن الله يتوب على مَنْ تاب.
ثالثاً: تود الهيئة العالمية للتعريف بالرسول عليه الصلاة والسلام أن تعرب عن شكرها وتقديرها للموقف السريع والحازم الذي صدر عن دائرة الإفتاء العام بالأردن؛ حيث صدر عنها بيان كريمٌ في وجوب تعظيم جناب النبي صل الله عليه وسلم، والذي تضمن توضيحات مهمة ينبغي على الجميع فهم مضامينها والعمل بها. (http:/ /
www.aliftaa.jo/ index.php/ articels/ show/ id/ 141).
رابعاً: لقد لاحظت الهيئة ارتفاع وتيرة التمادي في الانتقاص لجناب النبوة من قِبل عدد من الناس الذين يصنَّفون على أنهم في الصف الأول من الثقافة والعلم، وكان المنتظر منهم أن يكونوا أبعد الناس عن هذه المزالق الخطيرة، وبخاصة أن غالب السياقات الكلامية التي وردت فيها هذه الإساءات لم تكن تستدعي إقحام المقارنة بسيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام، فضلاً عن الوقوع في الإساءة للجناب النبوي الشريف.
والناظر بعين البصيرة يعزو مثل هذا التمادي الخطير إلى ما أُصيب به هؤلاء من ضَعْف الإيمان وقِلّة الإجلال للقرآن العظيم وللسنة النبوية المطهرة؛ ولذلك فإننا نذكِّر بأن مقام النبوة مقام محميّ بحماية الله؛ قال الله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام/ 124]. وقال سبحانه بعد أن ذكر بعض أنبيائه ورسله: {وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام/ 87]. فهو الاختيار والاجتباء والاصطفاء الذي ينفي عن الأنبياء أي نقص أو عيب.
وحتى لا يتساهل الناس بمقام النبوة تحت مبرر بشريتهم أو غيره من المبررات فقد أوجب الله تعالى توقير نبيه عليه الصلاة والسلام وتعزيره، فقال سبحانه: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح:48] قال ابن كثير: قال ابن عباس وغير واحد: (وَتُعَزِّرُوهُ) تعظموه، (وَتُوَقِّرُوهُ) من التوقير وهو الاحترام والإجلال والإعظام.
ووعد من سلك هذا السبيل القويم بالفلاح: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:7].
وعلَّم الله المؤمنين كيف يخاطبون النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يعظموه ويجلوه، وألا يخاطبوه ولا يصفوه إلا بما يليق بمقامه الشريف، فقال سبحانه: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63].
خامساً: تود الهيئة العالمية للتعريف بالرسول - صل الله عليه وسلم - ونصرته أن تعرب عن تقديرها للمواقف الإيجابية المتعقلة المنضبطة بضوابط الشرع التي تصدر عن المسلمين في استنكار كل ما يسيء لنبيهم محمد عليه الصلاة والسلام؛ فليستمروا على هذا المسلك الرشيد، وليبشروا بالثواب العظيم والأجر الجزيل من الله جل شأنه، ونرجو الله لنا ولهم القُرْب من مجلسه عليه الصلاة والسلام يوم القيامة، والشرب من حوضه الشريف.
والله نسأله أن يعيذنا جميعاً من زيغ الأفهام وزلل اللسان، وأن يوفقنا لحُسْن الاقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، والقيام بحقوقه والدفاع عن جنابه. وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرياض 8 ذو القعدة 1432هـ
أ. د. عادل بن علي الشدي
الأمين العام للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صل الله عليه وسلم ونصرته