إنسان للتنازل!
خالد السليمان :
أغلب الذين يعرضون عمالتهم المنزلية للتنازل، أو يطلبون عمالة الآخرين بمقابل مادي يجهلون أن ما يفعلونه هو المتاجرة بالبشر. فكثير منهم يسمعون بمصطلح المتاجرة بالبشر دون أن يدركوا أنهم يمارسونه، وبعضهم قد يعيبه عندما يتعلق بالآخرين. لكن عندما يتعلق الأمر بتنازلهم عن عمالتهم، أو طلب عمالة الآخرين فإنهم يعتبرون ذلك تعويضا عن التكاليف أو الخسائر!وهذا الجهل منبعه قصور التوعية من قبل الأجهزة المختصة، وتأصل ثقافة قاصرة في المجتمع عجزت عن استيعاب المعنى الفعلي للمتاجرة بالبشر عند التعامل مع نقل كفالات العمالة المنزلية، وكذلك غياب المرجعية القانونية والنظامية الحازمة التي تحفط حقوق وواجبات أطراف العلاقة التعاقدية!لكن هناك فئة تتاجر بالبشر بكل إدراك وإصرار وهي تلك التي تطلب مبالغ مالية مقابل التنازل عن خدمات عمالة أتمت مدة عقودها، ووفت بواجباتها. وبالتالي لا حق للكفيل بأي تعويض عن أي مدة أو تكاليف لعقد انتهت مدته بالفعل. ومثل هذه الفئة تستحق تعاملا قانونيا أشد صرامة و أكثر قسوة!أما اللافت، فهو تورط العديد من مكاتب الاستقدام المرخصة في عمليات بيع وشراء تنازلات العمالة المنزلية، بل إنها تجني من أرباح هذه المعاملات أكثر مما تربحه من استقدام العمالة الجديدة. ورغم ذلك لا أحد يحاسب ولا أحد يسائل!السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستحدث شركات الاستقدام فرقا وتقضي على سوق العمالة المنزلية السوداء، ومعاملات المتاجرة بالبشر؟! كنت سأقول إن الأمر رهن بمصداقية وسلامة نوايا هذه الشركات. لكنني سأقول الأمر رهن بحزم الرقابة وتطبيق القانون. فعندما يحضر القانون لا يصبح حضور النوايا الطيبة تطوعيا!