"المحيميد": الرشوة وراء تعثر المشاريع.. فأين هيئة مكافحة الفساد؟
يقدم الكاتب الصحفي يوسف المحيميد في صحيفة "الجزيرة" قراءة في نتائج الدراسة التي كشفت أن 68% من أصحاب الشركات والمؤسسات في المملكة يلجؤون إلى الرشوة وأساليب الغش والتحايل لإنجاز معاملاتهم لدى الجهات الحكومية، معتبرا أن هذه الإحصائية تكشف للمواطن عن سبب تعثّر المشاريع وفشلها في البلاد، مطالبا هيئة مكافحة الفساد بالاضطلاع بدورها بشأن هذه الإحصائية، ففي مقاله "عفواً... العيّنة غير صحيحة!" يقول الكاتب "شكراً منتدى الرياض الاقتصادي؛ فقد ضربت الجهات الحكومية في مقتل، حينما أظهرت نتائج الدراسة أن 68% من أصحاب الشركات والمؤسسات في المملكة يلجؤون إلى الرشوة وأساليب الغش والتحايل لإنجاز معاملاتهم لدى الجهات الحكومية التي يراجعونها حالياً، هذا كافٍ تماماً، وهو خير إجابة لسؤال المواطن الذي لا يتوقف عن تعثّر المشاريع وفشلها في البلاد، فكلنا يعرف أن معظم الإخفاقات التي تصيب مشروعاتنا بعد تسليمها يعود إلى خلل في التنفيذ، وإلى تسلمها رغم ذلك، لأن المنفذ أو المقاول قد (سلّك) أموره مع هذه الجهة أو تلك، أو (دسّم شوارب) هؤلاء حسب المصطلح الشعبي، أو (ما يخدم بخيل) كما يردّد السعوديون، رغم أن هذا الأمر ليس له علاقة بالبخل أو الكرم، وإنما علاقته المباشرة والواضحة، هو أن تكون راشياً أو لا تكون!". ويمضي الكاتب قائلاً "قد يوجد عددٌ قليلٌ من الشركات والمؤسسات النزيهة، وهي التي تخسر كثيراً من فقد فرص تنفيذ مشاريع هي الأحق والأجدر بها، لأنها أكفأ من غيرها، لكنها لا (تدسّم) ولا (تسلّك)، مما يجعلها غير مرحب بها في كثير من الجهات الحكومية، التي أظهرتها إجابات المشاركين في عيّنة الدراسة". وعن موقف هيئة الاستثمار يقول الكاتب "تلك العيّنة التي رفضتها الهيئة العامة للاستثمار، والتي اعتبرت أن العيّنة غير ممثلة، وهي أقل من 1% من الشركات والمؤسسات، وأخشى أن تزداد النسبة - يا سادة يا كرام - لو زدنا قطاع العيّنة، ووسعنا مجتمع الدراسة، فالشق أوسع من الرقعة، ومظاهر الفساد لا تخفى على الكثير، ولعل قرار إنشاء هيئة مكافحة الفساد، هو الدليل على أن ثمّة فساداً مالياً وإدارياً منتشراً، وأن الدولة تسعى إلى القضاء عليه، أو على الأقل تخفيف نسبته العالية في الجهات الحكومية، فليس من المعقول أن يكون أكثر من ثلثي المعاملات الحكومية، بما فيها المناقصات المفتوحة والمحدودة، لا يتم إنجازها إلا بدفع رشوة، وكلنا يدرك أن المنفذ أو المقاول حين يكون غير أمين، هو مَن يدفع وهو مَن يحصل على عقود العمل وتنفيذ المشاريع الحكومية". ويتساءل الكاتب بهذا الشأن "متى تعمل هيئة مكافحة الفساد؟ ومتى تعلن نتائجها؟ ومتى تكشف كل هذه الفوضى؟ ومتى يتم تعديل أنظمة الشراء الحكومي والمناقصات الحكومية، كي تصبح محكمة تماماً ولا تترك منفذاً لضعاف النفوس؟". وينهي الكاتب بقوله "هذه العيّنة التي رفضتها الهيئة العامة للاستثمار، والتي تعادل 425 شركة ومؤسسة، وحتى لو كانت تمثّل 1% من الشركات والمؤسسات المسجَّلة، هي كافية كمؤشر خطير على فداحة ما يجري في الجهات الحكومية، وأن العقود هناك لا تمر غالباً إلا بعد دفع الرشى أو التحايل، فالرقم خطير جداً، أي أن ما يتم دون تحايل أو رشوة معاملات 32% فقط، وكأنما من كل ثلاث معاملات تتم في جهة حكومية ما، هناك معاملة واحدة فقط تتم بنزاهة، بينما اثنتان يدفع مقابلهما رشوة، ولا أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل!".
http://sabq.org/sabq/user/news.do?section=5&id=35513