مواطن يقرض "العقاري"!
قبل فترة ليست بالقصيرة.. صدرت أوامر وتعليمات تنظم عمل الصندوق العقاري وطرق تقديم المواطنين للحصول على القرض، التي تم بموجبها إلغاء شرط وجود (الأرض) للمتقدمين ومنذ ذلك الإعلان الشهير لم تصدر أي تعليمات أو توجيهات للبدء بالتنفيذ أو كيفية التنفيذ!
وكأن هذا القرار سيحل أزمة الإسكان لدينا!
أو أن العائق الوحيد أمام المواطن للحصول على منزل هو وجود "قطعة أرض"، المواطن الغلبان لديه من الموانع والعوائق.. ما تجعلها كفيلة بوأد حلمه وليس فقط التفكير بالمأمن، والمسكن، والانتماء!
المصاريف في ازدياد، وتكلفة المعيشة ترتفع شهرا بعد آخر.. والأسعار لم تجد من يوقف تحليقها رحمة (بالغلابة) وأصحاب الإيجارات يتنافسون داخل هذا الماراثون والسباق.. فمن أين (يحوش) شبابنا المبلغ المطلوب لقطعة الأرض أو بناء المنزل.. المواطن الغلبان أيها السادة يتمنى أن يكون هناك دعم حقيقي للصندوق العقاري وليس مجرد لجان واجتماعات واقتراحات تنطلق من مجلس الشورى وتكون الأدراج محبسا لهذه المقترحات!
أليست الأرض، والتربة انتماء.. وشعور بالأمن والاطمئنان..أليس من حق المواطن أن يحصل على مأوى ومنزل له ولعائلته بدلاً من كسر ظهره وكسر عنقه بالحلم وسنوات الانتظار.. بل سنوات الضياع (تيمناً بالمسلسل التركي الشهير) الذي هو فخر إعلامنا العربي وما جادت به عقولهم وتفتقت به أساريرهم في السنوات الأخيرة مع الأسف!
أقول أليس من حق 75 % من سكان هذه البقعة أن يتملكوا منزلاً يؤويهم ويقيهم شر وأطماع الإقطاعيين!
في الدول المجاورة لا يستطيع التاجر أن يرفع عليك الإيجار بأكثر من 5 % ولدينا تصل النسبة إلى 200 % دون خوف من العقاب و لعدم وجود نظام عقاري ملزم للطرفين!
صندوقنا العقاري العزيز.. هل تريد أن يقرضك المواطن حتى يزداد قرضك من 300 ألف التي لا تؤكل عيشاً في هذا الزمن الذي وصل فيه الحديد ذروته ومواد البناء التي يسيطر عليها الأجانب ويتلاعبون بالأسعار كيفما يشاءون إلى 500 ألف ريال، وما زالت تحت الدراسة من قبل "الأحبة" أعضاء مجلس الشورى.. هؤلاء الأعضاء لا تمسهم الرتوش أو يعكر مزاجهم المؤجر..
فهم يملكون القصور ويقطنون المنتجعات فلا تؤرق رؤوسهم قضية بسيطة كتلك المسميات "سكن"؟
بالأمس أطلقت معاشات التقاعد مشروعها (المنقذ) للمواطنين بزعمِهم وأن مسألة الإسكان ستحل عن طريقهم.. ولكن تمخض الجمل فولد فأراً!
كانت الشروط أقسى.. والعراقيل أمر.. وجشع الإقطاعيين أرحم مِنْ مَنْ يملِكون القرار والعقار..توقف المشروع.. عدل.. ولكن نفسهم الجشعة.. ظلت تراوح الأنظمة.. فلم ينجح أحد!
أليست معاشات التقاعد تقتطع 9 % من رواتبنا فلماذا لا أستفيد منها بحياتي قبل الممات.. وقس عليها التأمينات الاجتماعية.. مليارات تستثمر وأرباحها خيالية ولكنها لفئة محددة فقط؟
إن من أشد وأقسى الأنظمة على المواطن نظام التقاعد ونظام التأمينات الاجتماعية فلا أعلم لماذا لا يتم إعادة الدراسة فيهما وإعادة النظر في أنظمتها لكي تخدم المواطن..
مليارات الريالات تستثمر من الـ 9 % العائدة إلينا ولا نستفيد نحن الغلابة من استثماراتنا هللة واحدة.. قمة الإجحاف.. أليس (غبناً)؟
تناقلت الأخبار أن الهيئة العامة للإسكان أنجزت إستراتيجية سيتم تنفيذها خلال ستة أشهر سيتم من خلالها احتساب القروض بحيث تكون قريبة من الآلية المطبقة لدى صندوق التنمية العقاري.. يا إلهي ويا عجبي.. هل الآلية المطبقة في العقاري مثال يحتذى به.. ألم يسمعوا ويشاهدوا ملل المواطنين من الانتظار.. هل الآلية المطبقة في العقاري إيجابية بحيث تكون شعارنا وقانون نستمد منه أنظِمتنا وطرق علاجنا للسكن والمساكن؟
لماذا نضع الشروط والعراقيل التي تقف حائلاً أمام حصول المواطن.. ابن البلد على حق من حقوقه المشروعة؟
فإلى متى؟
صالح المسلم
مستشار إعلامي
http://www.sabq.org/sabq/user/articles.do?id=464