أعجبني كلامه

مغشوش.. الأصلي! عبدالله صايل - 16/08/1428هـ
a4sas@yahoo.com

كل شيء في البلد أصلي! ابتداءً من زيت (أبو فاص)... ووصولاً إلى طبلون الكهرباء الجديد الذي انفجر في وجه جارنا أبوعلي قبل أيام!! وهذه حقيقة تعايشنا معها وألفناها منذ عقود، فعصير "رشفة الأنيميا" المليء بالألوان الصناعية والنكهات المصنعة هو "أصلي" ويجب ألا تقبل ببديل له! وفلتر زيت المحرك المعبأ بتقنية تكرير القش وشيء من النخالة هو "أصلي" وعدم استخدامه يسبب تلف المحرك!
قبل أسبوعين، وخلال جولات الصيف "البوهيمية" بحث عن أي مكان بارد تمضي فيه ساعة من نهارك في الرياض، أضحكني كثيراً ما قرأته على منتج من البلد الآسيوي إياه في أحد الهايبرات، وهو مصباح قابل للشحن ومقلد لماركة يابانية شهيرة، وتفضل المستنسخون بكتابة العبارة التالية عليه: (تحزير: احزر النسخة)!
وعندما قرأتها ثانية قلت لنفسي أكيد أن قصدهم هو: (احذر النسخة)... الأمر الذي يدفعك للجزم بأنهم يقصدون: (تحذير: احذر التقليد)!! عندها فقط لم أتمالك نفسي من الضحك.. وقررت منذ تلك اللحظة أن أحترم آلية الغش، فالتفاصيل عجيبة في سذاجتها، ولكنها تمر على الرقابة مرور الكرام لتباع في أضخم المولات ومراكز التسوق.
تأملوا معي تجربتي، السلعة مكتوب عليها samyo والقصد منها محاكاة ماركة يابانية مشهورة اسمها sanyo، وطالما أن المغشوش دخل إلى الأسواق على أنه سلعة باسم "ساميو" فهو حتماً بضاعة أصلية لا تقبل التصنيف كـ "مغشوش"، ولهذا تجرأ الناسخ ووضع عبارة "أصلي" ومن تحتها ملصق آخر يحمل العبارة التحذيرية المهمة "احزر النسخة"!!
ومن المؤكد أن الرقابة كانت قد أجازت قبل ذلك بساعات أو أيام مرور شحنة "أصلية" من المنتج الياباني الشهير، بنفس التصميم الخارجي وبنفس آليات الاستخدام!! ولن يشفع للمستورد في هذا ما تتكبده الشركات الكبرى "الأصلية" من تكاليف التوعية والإعلان عن شكل ومحتوى منتجاتها بتفاصيل التصاميم وما إلى ذلك... فالناسخ سيقلد مهما كلف الأمر.
أعود بكم لثقافة "مغشوش" الأصلي التي تعودنا عليها، فالفكرة قادرة على تحويل أي شاب عاطل عن العمل إلى مليونير، وكل ما عليك فعله عزيزي المغامر هو أن تعيد صياغة أي علامة تجارية، وأن تتعمد احتوائها على شيء مما يضر إن أمكن... وأن تبرز في النهاية كلمة (الأصلي). والاقتراحات كثيرة، فلك أن تبتكر طاقية بنقشة جديدة وتسميها طاقية "منقوش" الأصلي، أو خلطة مبتكرة للمعسل بنكهة البرشومي وتسميها "برشومي" الأصلي، أو شيئاًً من خلائط "الفصفص" المطعم بمذاق أي بهار فاسد وتعبئه في أكياس مكتوب عليها "فصفص تخشيب" الأصلي... وأفكار أخرى لا حدود لها.
ما أردت قوله هو أنه من العيب أن نترك بعض الوافدين ينفردون بساحة "مغشوش.... الأصلي" وحدهم، ويجب على بعضنا أن ينافسهم وأن يتحول إلى أسد في غابة الاستهلاك ليزأر... ويزأر... حتى نثبت لهم أننا قادرون على المنافسة!
وإلى أن تقوم الجهات الرقابية بواجبها، أستأذنكم للاستمتاع برشف شيء من قهوة "موسكافي" من النوع الأصلي.. وعلى فكرة، هي ليست تقليداً للعلامة الحمراء الشهيرة!!