http://sabq.org/DJ0aCd
لهذا خسرنا بالأربعة!
عبد الله عامر القرني
حين يدخل عالمنا أي مصطلح جديد يجب أن يتم التعريف به كما هو، دون نقص أو زيادة، ودون فلسفة قد تحوّر معناه إلى "معانٍ" لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنتمي إليه.
دخل الاحتراف أروقة كرة القدم السعودية فسُلَّ السيف؛ ليتم تمريره عليه، وتجزئته على "هوانا" وحسب "برستيجنا"؛ فتتابعت الكوارث على "الجمهور"، وكانت الصدمات أقوى من طاقة التحمُّل لديهم.
الاحتراف الذي بين أيدينا ليس إلا "دفع الفلوس" على هوى رجال الأعمال، وتنافسهم فيما بينهم لجلب أفضل اللاعبين "للتشخيص" أثناء التصوير معهم. وكما خربوها فيما يملكون من وكالات وتجارة، يتحكمون بأسعارها "على هواهم"، تم التخريب على آخر ما يمكن إسعاد "المواطن"، وأيضاً "على هواهم"!
ولا أغفل أبدًا السبب الرئيسي لكوارث كرة القدم لدينا، وهو إهمال الفكر لدى اللاعبين الذين حضروا من مجتمع لا يملك أبدًا أسس الاحتراف، ولا يوجد في أجندة ثقافته ما يمكن الإطلاق عليه إلا "انحراف"؛ ما أوصل نتائج المنتخب السعودي الذي يمثل السعودية في شتى المحافل للهزائم بالثمانية والخمسة، بل إني أخشى أن يصل بنا الحال لتقبل الهزائم بكل صدر رحب كما تقبلنا تأخر الفكر لدينا!؟
كانت الكرة السعودية تزخر بالمواهب، ولا ينتهي عمر اللاعب السعودي "منطقياً" قبل سن الخامسة والثلاثين ما لم تعقه الظروف القاهرة عن مواصلة المشوار، والآن..!! يصل اللاعب لسن الخامسة والعشرين وهو "منتهي الصلاحية"؛ لأسباب متعددة، تبدأ بالفكر، وتنتهي به.
بداية التغيير أبدًا لن تكون باستقالة الأمير نواف بن فيصل، وأبدًا لن تكون بتعيين رئيس جديد "قد" يملك العصا السحرية التي تغيّر حال الكرة لدينا! فلنبدأ من هناك؛ حيث بدأ من وصل الآن للعالمية "في شتى المجالات"، فلنبدأ من التعليم؛ كي نبني مواطنـًا صالحًا مُحترفـًا، يحترم وطنه، ويعرف ما له وما عليه، لا مواطنـًا ننتظر القنوات التلفزيونية لتبني "ثقافته"، وتحدد معالم "انحرافه"!!
نحن نسلّم العقول على طبق من ذهب لغيرنا، وليفعلوا بها ما يشاؤون، وذلك ما جعلنا نبقى على مدى السنين الماضية "شعباً مستهلكاً"، لا نملك من الإنتاجية شيئاً، بل لعبت بنا العشوائية "بمزاجنا" كيفما شاءت؛ ما خلق هناك فرصًا سانحة للتحكم بنا "عن بُعد" عبر الريموت كنترول، وتوجيهنا لمزيد من العشوائية التي فتكت بنا.
الفكر الذي نعيشه والعشوائية التي نقتات عليها هما نفساهما اللذان جعلا الطالب يدخل الثانوية العامة وهو لا يعرف إلى أين يتجه، و هما نفساهما اللذان خوَّلا للجامعات أن تدخله التخصص الذي تريده هي، و هما نفساهما اللذان جعلا ساهر "يسلب" أموالنا، و هما نفساهما اللذان سلبا الكثير من الموظفين حقوقهم "وهم لا يعلمون"، و هما نفساهما اللذان دمَّرا الرياضة لدينا "وفشلتنا" أمام العالم، و هما نفساهما اللذان جعلا الإعلام الياباني يفرح بسحقنا بالخماسية أشد فرحًا من فوزه بكأس آسيا؛ لأنهم يعلمون أن ذلك كان شبه مستحيل في ظل ظروف الفكر "السعودي" الطبيعية.
لا تلوموا الاتحاد السعودي على فشل المنتخب، بل وزعوا اللوم بالعدل والإنصاف، ولوموا معه المدارس التي تخلو من "الملاعب"، بل من "الكور"! ولوموا أمانات المناطق التي فرغت المدن والقرى من الملاعب، ولوموا قبل ذلك "الفكر" أساس حضارة الأمم