قمع الجشع
الاربعاء, 19 يناير 2011
عبدالعزيز السويد
محزن هذا الاستنساخ، أكثر من شاب عربي أعاد تجربة محمد البوعزيزي وهي تجربة مؤلمة ومرفوضة لا يرضاها إنسان لآخر، في مصر والجزائر وموريتانيا أحرق شبان أنفسهم، وليلة هروب الرئيس السابق بن علي من تونس كان مجموعة من المتظاهرين – المهنئين - المصريين حول السفارة التونسية في القاهرة يرددون أهازيج مصرية جمعت بين المطالب السياسية والطرافة وهو قالب مصري بامتياز، ثم أمسك واحد منهم بالمايكرفون وبحماس ألقى خطبة قال فيها إننا لسنا بحاجة لمخلص بل بحاجة إلى شباب مثل البوعزيزي، ثم ترك المايكروفون واختفى، ويظهر أن دعوته استجيبت فانتشرت حرائق الشباب. تحول جسد البوعزيزي إلى شعلة تطايرت شراراتها في أرجاء العالم العربي، فأضاءت ظلمة دهاليز السياسة إلى حين.
أصبحت الفوضى الخلاقة التي وعدت بها الإدارة الأميركية السابقة مثل الشبح المرعب، كلما ظهر لنا شيء قلنا هل هذه هي الفوضى الخلاقة؟... ما هو خلاق بالنسبة لهم... ليس بالضرورة خلاقاً للعالم العربي الموعود به، شعوباً وأنظمة، حرق الأجساد فوضى حراقة تسببها في ثورة تونس لا يعني نجاحها في دول أخرى، لكن كيف السبيل إلى الإصلاح؟
ما هي الرؤية المطلوبة لمواجهة مخاطر المستقبل؟ هل يمكن الإصلاح بمسكنات هنا وهناك؟ صرف معونات أو تخفيض موقت للضرائب والأسعار. لاشك أن لهذه حاجة لكنها غير كافية، البطالة والفقر ليسا سوى نتائج لاختلالات، طفح ظاهر يعلن عن أمراض داخلية.
بماذا يختلف العالم الغربي عن العالم العربي؟
لو حاولنا اختزال ذلك في جملة واحدة لأمكن القول إنها علو شأن قيمة الإنسان، بالحفاظ على حقوقه، تحديداً... صيانة كرامته الإنسانية، هذا يعني أن لا يسمح لأحد باستباحة هذه الحقوق وإهدار الكرامة. الغرب نموذج في كثير من جوانبه هذه حقيقة، في الاستقرار والرخاء وحفظ الحقوق. استورد العالم العربي الرأسمالية المتوحشة بأبشع صورها وترك ضوابطها في مواقع نشأتها فظهرت هذه الأورام انفجر منها ما انفجر والكامن أكبر.
في عالمنا العربي المسكون بالقلق والاحتقان لا
نحتاج لقتل الفقر بمقدار ما نحتاج لقتل الجشع، الأخير مسبب للأول، لو كان الجشع رجلاً لوجب قتله، أيضاً لوكان الجشع امرأة لوجب قتلها... وللنساء نصيب منه فالمرأة لا تقف فقط وراء الرجل الناجح، لو بحثت ستجدها واقفة أيضاً وراء الرجل الجشع والضعيف، في الجشع تكمن بذور الفقر وبذور البطالة لتثمر السخط والكراهية، الجشع هو الدافع لاستغلال النفوذ والتسلط والفساد مثلما هو مسؤول عن الاحتكار وتخزين السلع والاستئثار بالفرص ومراكمة الثروات حتى ولو امتصت من دماء الفقراء.
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/225112