يحسبون كل صيحة عليهم .....
http://www.lojainiat.com/index.cfm?d...ontentid=72035
يلى الشهراني
لجينيات ـ كنت اتأمل بعض ردات الفعل من كتاب الصحف على زميلهم في المهنة الكاتب صالح الشيحي , وكيف أنهم خلعوا كل عبارات التسامح واحترام الرأي وحرية التعبير أو بالأصح تعرية المواقف .
كتب الشيحي جملة بعيدة كل البعد عن قذف أو تلويث شرف أو اتهام صريح لاسماء معينة فقال : ( ما يحدث في بهو ماريوت على هامش ملتقى المثقفين عار وخزي على الثقافة , آمنت أن مشروع التنوير الثقافي المزعوم في السعودية يدور حول المرأة) .
لم نفهم من العبارة وقتها ما يوحي بأنه قذف لأحد أو تعدي لفظي بقدر ماهو حزن على ما وصل له الحال ببعض المثقفين في فهمهم للثقافة وأن هذه الثقافة تدور حول المرأة .
وما أن بدأ بعض المثقفين يطلق تهديداته بالمقضاة وبالاتهام لزميلة بأنه يكذب أو يشوه الصورة إلا وبدأنا ننظر لهذه العبارة من زاوية أخرى .
استرجعت ذاكرتي مع بعض الكتابات لهم فوجدت أن بعضهم لم يوفر قلمه عن لحوم الناس, فأغلب مقالاتهم قذف وتشكيك بأخلاق الناس . لكن عندما يكون النقد لهم فإن الأمر مختلف .
لنبدأ من قصة أحد المشايخ عندما حضر ملتقى نسائي بدعوة تلقاها وتم إيهامه بأنه من كل الأطياف نساءً وذكوراً , فما كان منهم إلا أن اقاموا عليه حد الجلد بأقلامهم الحداد , فلم يتركوا قناة ولا جريدة إلا ونشروا بها شائعاتهم وتعليقاتهم التي وصلت إلى اتهام هذا الرجل في اخلاقه .
ثم ما تفعله تلك الأقلام عندما تتكلم عن عضو هيئة وكيف أنهم الصقوا بهم قضايا أخلاقية ونشروها بشكل ممجوج على هيئة مقالات أو أخبار صحفية .
ولن ينسى المجتمع السعودي كيف اسيء له من قبل إحدى معدات البرامج التلفزيونية وهي تقدم برنامج عن الزنا في السعودية ويبث على قناة دولة أخرى ليقال أن كل نساء هذه المدينة يفعلون ما يقوله صاحب مغامرات الأسواق . لكن المجتمع من طيبته نسى أو لنقل تناسى وهو يشاهد كيف تم تبرئة هذه الإعلامية وتكريمها ومعاملتها كبطلة لأنها كشفت عوالم خفية في الأسواق العائلية . ولم يقل أحد وقتها أنها عممت التهمة على نساء تلك المنطقة أو قذفتهم .
ولم يحاسبهم أو يرفع عليهم قضايا اثبات لأنهم يعلمون أن الخصم هو القاضي ولن ينصفهم إلا رب العباد عندما تجتمع الخصوم يوم القيامة عنده .
الروايات التي تملأ أرفف مكتباتنا والتي يقول عنها المثقفون إنها أدب وثقافة تارة , وتارة يقولون كشف للأستار والواقع , والتي ملأوها بالمجون والجنون إلى حد القرف منها ومما جاء فيها , والتي اشعرتنا أننا نعيش في مجتمعات بلا أخلاق ولا قيم ولا دين .
كتبت رجاء العالم عن العوالم السرية لأهل مكة , وذكرت قصص يندى لها الجبين وتشوه أهل تلك المنطقة الطيبة التي تجاور بيت الله الحرام وتتشرف به , لن أقول أنها منطقة ملائكة وليس فيها للرجس مكان , بل هي كأي منطقة أخرى بها الخير وبها الشر , إنما لم يتم تهديد كاتبتها بالتوجه للقضاء أو محاسبتها على ما كتبت .
كتب عبده خال عن حياة الشذوذ في جدة وبعض الأمور السرية التي تحدث في القصور وحصل على مكافأة قيمة هي جائزة البوكر ولم يقل له أهل جدة أثبت ولم يكذبه أحد لأنهم يرون أن هذه مشاهدات الكاتب ما يشاهده واقع ينثره على الورق .
بدرية البشر في رواية "هند والعسكر" جعلت القارئ يتصور أن جميع من يعيش في نجد هم ممن ذكرتهم الكاتبة فليس فيهم نقي إلا "هند" لأنها لم تحب إلا مرتين فقط , و "وليد" لأنه ابن كاتب كبير تقلب في الشيوعية وسجن أكثر من مره وعاش خارج الحدود وربى ابناءة على الفضيلة بعيداً عن روابي نجد , التي انتجت الإرهاب والجنس والعبودية كما فهمنا من الرواية .
مثقفينا الأعزاء اليوم أوجعتكم كلمة الكاتب الشيحي وهي أهذب بكثير مما قلتم وسردتم واتهمتم الآخرين به , فهل أنتم شعب الله المختار , وهل خلقكم الله من مهد الذهب وخلقنا من تربة عتيقة موبؤة ؟
كلنا بشر وكل شخص له تصرفات قد لا تعجب الآخرين , والشيحي قال هذه العبارة لأنها رآها تتكرر في مناسبات , ولأنه لا ينتمي لأي تيار فإن كلامه لن يحمل الهجوم أو الانتصار لطرف على طرف , بل قالها لأن كلمة الحق لا تُحبس في قلوب الأنقياء . والثقافة جزء من المجتمع ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها , وهو مارس دوره وقال كلمته , فإما أن تقبلوا بها بصدر رحب لأنها رأي وأنتم خلطتم بين قذف الناس الذي تمارسونه وبين الرؤية التي هي ملك للجميع وحق مالم تتعدى على الآخرين بلفظ صريح أو تهمة باينة, أو تقولوا عكس ذلك فتتعرى أقلامكم وتسقط أقناع ثقافتكم .
نعرف أن في مثقفينا من نفخر بهم وبأخلاقهم وأدبهم , ويشرفنا أن نتعلم منهم ونحترمهم لأنهم صورة مشرفة لهذا البلد الإسلامي السلفي , ونعلم أن الخير موجود حتى لو ظهرت بعض التصرفات الفردية من هنا أو هناك , ونؤمن بأن هناك حكمة تقول : (من عاب كثيراً ابتلي بمن يعيبه) فأرفعوا أقلامكم عن أعراض الناس يرفع الله عنكم في الدنيا والآخرة .
________________________________________________