قراءة في توجيهات سمو أمير منطقة الرياض بوضع مؤشر لأسعار التموين الأساسية

- - 06/12/1428هـ
اطلعت على ما وجه به سمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ في جريدة "الاقتصادية" الصادرة يوم الخميس الماضي الموافق الرابع من ذي الحجة 1428هـ / عدد 5176 بوضع مؤشر لأسعار التموين الأساسية في مجال بيع المواد الغذائية في مدينة الرياض والإعلان عنها في وسائل الإعلام والتي تشمل الدقيق، السكر، الأرز، الزيت، الحليب، اللحوم والخضار، والذي سيكون نواة للمدن والمناطق الأخرى إن شاء الله، لكي يكون المواطن على بينة من حركة الأسعار التي أخذت تتزايد بشكل يستدعي تساؤلات المواطنين عن هذا الارتفاع المفاجئ في أسعار التموين الأساسية. ولا غرو أن هذا الرجل الذي يتفاعل مع الحدث بجد وإخلاص عندما يمس حياة المواطن ومعيشته، فهو صاحب النقلات النوعية في حياة اليتامى والمعاقين والمعوزين وتأمين الحياة الكريمة لهم في إنشاء الجمعيات والإسكان لذوي الحاجات الخاصة. وبما أن أمانة الرياض قد شرعت بمتابعة وتنفيذ ذلك، فإنني آمل منها ومن الجهات المختصة الأخرى أن تأخذ في الحسبان الأسعار الحقيقية وألا تعتمد على مصلحة الإحصاء العامة ومعادلاتها النظرية والنسب التي توردها في إحصائياتها والتي قد يفوت على المواطن العادي التعرف من خلالها على حقيقة الأسعار الفعلية والمتداولة على الواقع.
ويطيب لي في هذه المناسبة أن أشير إلى ما نشرته "الاقتصادية" أيضا في يوم الأربعاء الماضي الثالث من ذي الحجة عام 1428هـ في العدد رقم 5175 بعنوان "التجارة والمالية تبحثان عن آلية تطبيق قرار دعم الأرز والحليب" وإن هاتين الوزارتين تدرس أن آلية تطبيق الأمر الملكي لهذا الدعم وسوف تصدر تلك الآلية خلال اليومين المقبلين وسيتم إرسالها إلى الموردين في المملكة، وذلك بعد وضع الضوابط اللازمة ومتابعة ومراقبة تنفيذ هذه التعليمات. ثم إن الموردين قد أشاروا إلى أن أسعار الأرز قد تنخفض بعد الدعم بنسبة تراوح بين 20 و25 في المائة.
كما أشارت الجريدة إلى أن وزارة التجارة والصناعة بررت في تقريرها (الذي نعتبره قد جاء متأخرا في الوقت الذي كان المواطن يتلهف لمعرفة الأسباب) أن ارتفاع أسعار الأرز الهندي كان نتيجة الآتي:
1 ـ ارتفاع تكلفة استيراده بمقدار (100) دولار للطن الواحد حيث أصبح بـ (900) دولار.
2 ـ تمت زيادة سعر الطن مرة أخرى حتى أصبح سعر الطن (950 دولارا).
وعللت الوزارة أنه على الرغم من هذه الزيادة الكبيرة في سعر الطن إلا أن السوق المحلية كان ارتفاعها طفيفا وبصورة تدريجية.
والحقيقة أن الزيادة لم تكن طفيفة كما ذكرت الوزارة، فالأرز الهندي الذي كان بـ 130 ريالا، أصبح بـ 230 ريالا، أي أنه ارتفع بنسبة ارتفاع 77 في المائة، والنوع الآخر الذي كان بـ 140 ريالا، أصبح بـ 250 ريالا، بنسبة 78 في المائة، والذي كان بـ 170 ريالا أصبح بـ 280 ريالا و300 ريال، بنسب تراوح بين 69 و70 في المائة، فهل هذا ارتفاع طفيف كما ذكرت الوزارة؟
والجواب طبعا "لا" ولا ألوم وزارتنا الموقرة فهي بعيدة كل البعد عن السوق ومعرفة أسعاره وخاصة عندما تم دمجها مع وزارة الصناعة الذي زاد الطين بلة. وقد اقترحت في كتابات سابقة أن تنشأ هيئة مستقلة عن المؤسسات الحكومية ماليا وإداريا تكون مسؤولة عن مراقبة الأسعار وحماية المستهلك لأنه (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها).
على كل حال دعونا نستنتج بكم سيكون سعر كيس الأرز 45 كيلو جراما، فيما لو أصبح قيمة الطن الواحد المستورد من الهند 950 دولارا، كما ذكرت وزارة التجارة أي ما يعادل 3366 ريالا بسعر الصرف لهذا اليوم الذي هو 3.74 مقابل الدولار الواحد، بهذا السعر يكون سعر كيلو الأرز الهندي هو 3.366 لو استوردناه من الهند، أي أن سعر الكيس 45 كيلو جراما يكون بـ 159.885 فالنقل (160 ريالا) أضف إلى هذا السعر 15 في المائة أرباح للتاجر المستورد إذا لم يكن هناك جشع في زيادة الأرباح وأيضا 5 في المائة ما يعادل ثمانية ريالات للشحن والتنزيل هذا إذا لم يكن سعر الطن لا يشمل شحنه إلى الميناء السعودي، لأن الوزارة تقول تكلفة الاستيراد والشحن دائما تحسب ضمن عملية الاستيراد، لذا فإن سعر الكيس 45 كيلو جراما من الأرز سيكون 192 ريالا. هذا السعر الذي سيكون معقولا لأجود أنواع الأرز قبل الدعم الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ وليس كما شاهدناه في السوق يبدأ من 230 ريالا وينتهي بأكثر من 280 ريالا. ولا ننسى أن الموردين ذكروا كما أشارت الجريدة أن نسبة الدعم ستراوح بين 20 و25 في المائة، لذا فإن سعر الكيس بعد الدعم، إن شاء الله، سيكون بـ 130 ريالا أو أقل وهذا بفارق 100 ريال على أقل سعر في السوق حاليا.
أما فيما يتعلق بالحليب، فإذا نظرنا إلى أن سعر علبة الحليب النيدو للأطفال الآن في السوق هو 69.50 ريال للعلبة التي تحتوي على 2500 جرام أي 2.5 كيلو جرام، وسيصبح سعره بعد دعم الدولة إذا أخذنا في الاعتبار أن زيادة إعانة حليب الأطفال هو 12 ريالا للكيلو جرام في حدود 39 ريالا، وهذا سيخفف على المواطن أعباء نصف القيمة تقريبا التي يدفعها الآن، والمهم قبل هذا كله هو وضع الضوابط الضرورية والمتابعة والمراقبة المستمرة لتنفيذها والله الهادي إلى سواء السبيل.
http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=108254