هل تعلم أن رئيس الوزراءالبريطاني ، ديفيد كاميرون ، الذي زار الإمارات الجمعة الماضية ، وصل على متن إحدىطائرات "الاتحاد"، هو والوفد المرافق له . وفيما يبدو أن هذا الخبر عادي ،فـ"طيران الاتحاد"، يحقق تميزاً عاماً بعد عام ، يجعله في مصاف شركات الطيران الأولىعالمياً ، إلا أن المفارقة أن رئيس الوزراء البريطاني ، الذي يعتبر ثاني أصغر رئيسوزراء في تاريخ بريطانيا ، لم يقدم راكباً مقعداً في الدرجة الأولى ، بل كان هو ووفدهفي مقاعد الدرجة السياحية .
عندها عرض الإماراتيون ، وهم أهل كرم وضيافة ، على رئيس الوزراء البريطاني ، أنيحصل على مقاعد في مقصورة الدرجة الأولى ، رفض بلطف ، مؤكداً أن بلاده التي تمر بأزمةاقتصادية ، تقتضي ربط الأحزمة ، تستدعي أن يكون هو القدوة في تخفيض النفقات ، وكيفيكون قدوة إذا كان مقعده في الدرجة الأولى ؟؟؟
إذا أردتم أن تعرفوا شيئاً من لغة المقارنات بالأرقام ، فاعلموا غفر الله ليولكم ، أن بريطانيا ، التي فرح كثير من بني جلدتنا بما اعتبروه هزة لاقتصادها ، قد بلغإجمالي ناتجها القومي خلال السنوات القليلة الماضية ما يزيد على مجموع الناتجالقومي لجميع دول العالم العربي مجتمعة!
هل يقبل الوزراء ووكلاء الوزارات ، بل حتى المدراء العامون في العالم العربيأن ينتقل أحدهم بين دولتين وهو يجلس في مقاعد الدرجة السياحية ؟؟؟؟؟؟؟
لا أريد أن أقلل من قيمة تصرف رئيس الوزراء البريطاني الشاب ، لكني أؤكد علىأن ثقافة المجتمع ، هي التي تجبر الناس على التزام التصرفات الإيجابية ، علماً بأنوزير الدفاع البريطاني ورئيس أركانه سافرا عبر الإمارات إلى جهتين مختلفتين علىمقاعد الدرجة السياحية .
إن لغة المحاسبة التي يمضيها المجتمع ، بأفراده ، وبمؤسساته بما فيها مؤسساتالمجتمع المدني ، بصحافته وإعلامه ، هي التي تجبر الفرد على الالتزام بما يرى المجتمعصوابه.
أزيدكم من الشعر بيتاً ، هذه رئيسة فنلندا في زيارتها إلى دولة عربية سكنت فيغرفة ، وحينما عرضوا عليها جناحاً كبيراً رفضت مفضلة غرفتهاالصغيرة!!!
ويذكر أن رئيس سويسرا بلغ من تواضعه أنه كان يركب في الدرجة الثانية منالقطار! وحينما سئل لماذا تركب في الدرجة الثانية؟ أجاب: لأنه لا توجد درجةثالثة !!!!
إن البحث عن القيمة من خلال المظاهر مشكلة قد تكون عميقة ومتأصلة ، وكفاحهافي الإيمان والثقة بالذات . الكثير من المجتمعات غرقت في الاستهلاك واللجوء إلىالمظاهر لتحقيق الثقة المفقودة . وربما كان التواضع أكبر الدلائل على ثقة الإنسانبنفسه ، حينما لا يعود مشغولاً بمجاراة الآخرين على مظاهرهمالكثيرة.
الكثير من الناس يمتلكون دخلاً يمكن أن يكون كافياً لولا أن سطوة المظاهرأرهقت كاهلهم ؛ لهذا يبقون أسرى للمجاراة والمنافسات الصغيرة الهامشية . ولنا في قصصأولئك المسؤولين الكبار عبرةً ... وأيّ عبرة !
ولنا بالتاريخ الاسلامي عبرة
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$ $$$$$$$$$$$
جاءت إمرأة لصلاح الدين الأيوبي وأعطته رقعة فإذا بها:
ياأيـها الـمـلك الـذي * * * لـمـعالـم الصلـبان نكـس
جاءت إلــــيك ظلامة * * * يشكو بها البيت المقدس
كل المساجد طهرت * * * وأنـا عـلى شرفـي أندس
فلم يرى بعدها مبتسما حتى حرر بيت المقس
يدعوك شعبك ياصلاح الدين قم # # # تأبى المروءة أن تنالم ويسهر