هــل الــمــقـــــــاطــعــــــــة فــعـل أم رد فـــعـل ؟

**أحمد الخزرج** · 29-02-2008, 09:12 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين
سيدنا محمد عليه من ربه أزكى الصلوات وأتم التسليم , وبعد
ينتقد البعض المقاطعة الاقتصادية ويقول بأنها مجرد رد فعل ولا ينتج عنها عمل ايجابي
ويقولون أن المقاطعة السابقة لم تجدي , والأفضل من وجهة نظرهم هو العمل المؤسسي وفق رؤية خاصة لا تؤثر عليها ردود الأفعال
ويشبهون ردود الأفعال (المقاطعة ) برجال الاطفاء فهم لا يتحركون الا بعد نشوب الحريق ثم يعودون الى حالة السكون حتى نشوب حريق آخر .
وهذا الكلام صحيح ولكن هل هذا ينطبق على ( المقاطعة الواعية )
أو بمعنى آخر هل المقاطعة فعل ام رد فعل ؟
والاجابة السريعة الفورية هي أن المقاطعة رد فعل , ولكن عند النظر والتمعن في المسألة نجد أن للمقاطعة أكثر من وجه على النحو التالي :

أولا : المقاطعة مبدأ
وتعلم الفرد كيف يعتاد الالتزام بالمبادئ مثلا شراء منتج دنماركي هو مباح ولكن الذي يلزم نفسه بعدم شراء هذا المنتج وتضحيته بالجودة أو بالسعر الأرخص فهو شخص لديه مبادئ واستطاع أن يروض نفسه على الالتزام بالمبدأ وما أحسن أن يعيش الانسان على مبادئ
حيث أن مبدأ المقاطعة هو رفض الاساءة للنبي عليه الصلاة والسلام

ثانيا : البديل الاسلامي
عند ذكر كلمة ( مقاطعة ) فلابد من أن ترادفها كمة أخرى لا تنفك عنها أبدا ألا وهي ( البديل )
والمقاطع الواعي والذي لديه رؤية ومبادئ يقاطع منتجات الأعداء ويجعل البديل محلي أو اسلامي
حيث أن الله سبحانه وتعالى قال : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل )
والمال قوة بدون شك ومليار تخسرها الدنمارك لن يموت شعبها من الجوع ولكن هذا المليار اذا توزع على دول اسلامية سيكون له أثر كبير جدا.
واذا زاد الطلب على المنتجات المحلية أو الاسلامية سوف تزيد حاجة الشركات الى عمال لتغطية الطلب المتزايد أو قد تتوسع وتفتح مصنع جديد وبذلك سوف توظف العاطلين عن العمل وهذا العاطل قد يكون أخي الذي معي في البيت أو أخوك أو أي مسلم والمسلمين أخوة
والمسلم العامل خير من العاطل قال صلى الله عليه وسلم :
( المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير)

ثالثا : المقاطعة محفز لعودة المسلمين لدينهم
بل ان المقاطعة هي البنزين الذي يشعل الهمة والحماسة في نفوس المسلمين , والمقاطعة الأولى خير مثال على ذلك حيث عزم بعضهم على جعل درس يومي لأفراد أسرته عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد رفع المقاطعة ضعفت الهمة ونسي درس السيرة
وأذكر في معرض الكتاب الدولي بالرياض عام 2006 م بعد أزمة الرسوم الأولى كيف أستغل هذا الحدث من قبل بعض دور النشر وقامت بجمع التبرعات وطباعة الكتب عن حياة سيدنا محمد عليه السلام وتوزيع الكتب في الداخل والخارج بعدة لغات
مثل مجلة البيان والمكاتب التعاونية للدعوة
وفي العام التالي 2007 م لا تجد أثر لأي جهد لا جمع تبرعات ولا توزيع كتب لا من المؤسسات ولا من الافراد , لماذا ؟
لأنه لا يوجد مقاطعة والمقاطعة في العام السابق كانت هي المحفز والدافع للعمل
مثال آخر وهو مؤتمر البحرين الشهير كيف كانت تغطيته اعلامياً ؟ وكيف كانت الشعوب المسلمة تراقبه في المشرق والمغرب ؟
خرج هذا المؤتمر بقرارين الأول هو تأسيس لجنة عالمية للتعريف بالنبي على الصلاة والسلام والدفاع عنه
وهذه اللجنة وغيرها منذ ذلك المؤتمر كانت تعقد اجماعات ومؤتمرات لا أحد يعرف أو يسمع عنها شي
( هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا )
لماذا ؟ السبب في القرار الثاني الذي خرج من المؤتمر وهو رفع المقاطعة عن شركة أرلا
غفر الله لعلماءنا ولنا وللمسلمين

رابعاً : كسر الهزيمة النفسية
الشعور بالعزة كان يشعره كل مسلم مع كل صيحة من صيحات الاستعطاف والاسترحام من الشركات الدنماركية
هل تذكرون اعلانات شركة أرلا ؟ كيف كانت تتحدث عن سماحة الاسلام أن الاسلام دين رحمة وتسامح ؟
مثل هذا الخطاب لم نسمعه من الغرب منذ سقوط الاندلس ومنذ انهيار الدولة العثمانية
ومن زمن الاستعمار ثم احتلال فلسطين ثم سقوط كابل وبغداد والأمة الاسلامية تعاني من هزيمة نفسية رهيبة
جعلت كثير من الدعاة والمصلحين يحاولون جاهدين رفع المعنويات المحطمة ومحاربة الهزيمة النفسية
حتى جاءت المقاطعة الشعبية فشعر كل واحد من بشئ من العزة وشعر أنه جزء من الأمة وأنه شارك في نصرة الدين .
بعد هذا العرض أحبتي في الله أسألكم هل المقاطعة فعل أم رد فعل ؟؟

أخيرا تنبيهات مهمة :
-المقاطعة هي الخطوة الأولى ويجب أن لا نقف عندها ونظن أن المقاطعة هي كل شي
بل يجب علينا خطوات أخرى كثيرة مهمة بل ان اتباع سنته صلى الله عليه وسلم أهم من المقاطعة
ثم يقدم كل فرد ما يستطيع لخدمة الدين مثل الدعوة الى الله وتأليف الكتب وغيرها من المقترحات
- هذا المقال لا يخص مقاطعة الدنمارك فقط لأني أعرف الكثير من الشرفاء ممن يقاطع المنتجات الأمريكية

- حقوق النقل لكل مسلم