موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-2007, 12:05 PM   #1
كرملا
مقاطع جديد

 
رقـم العضويــة: 1952
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشـــاركـات: 4

Post الغلاء


الغلاء

محمد السقاف الحياة - 03/09/07//


غلاء الأسعار وأحوال السوق أمران بالغا الصعوبة ويصعب السيطرة عليهما من طرف دون الآخر، لأن ذلك مرتبط وخاضع لظروف اقتصادية وسياسية محلية وعالمية تدار دوائرها كما بأسلوب إدارة تروس الماكينة، ويستحيل لطرف ما العمل فيها منعزلاً عن الآخرين بأي حال، كما أنها عملية في غاية التعقيد والترابط والتشعب، وإن بذلت بعض الدول جهوداً في ذلك السبيل بهدف تحقيق الاستقرار والرخاء لمواطنيها، فهي تظل جهودها نسبية وجزئية ومحدودة المدة والأثر، وفي النهاية فإن من يمسك دفة السير ومجاديف السفينة هو المستهلك، فهو الذي يملك القوة الفاعلة، ولديه الكثير من الأدوات السحرية لتحقيق التوازن المرضي والدرجات المتقدمة من النجاح في تحقيق الرخاء والثبات في الأسعار. وفي تجارة اليوم، إذ تلتهب المنافسة ويبلغ التحدي ذروته وتستعر الأطماع في الحصول على أكبر حصة من أكبر سوق استهلاكية في المنطقة، ليس لها نظير على الإطلاق في أي سوق أخرى، من حيث الحجم الإجمالي وهامش الربح الذي يكاد يسيل له لعاب كل تاجر ويعمي بعض البصائر.
في هذا الزخم الاستهلاكي تتعدد الخيارات المغرية الواسعة التي تتفرد وتتميز بها السوق السعودية لمصلحة المستهلك بعموم طبقاته وفئاته في جميع السلع الأساسية وحتى الاستراتيجية مثل الرز والسكر والزيوت وغيرها، ناهيك عن السلع الثانوية والكماليات، فالخيار فيها أوسع وأبعد مما يخطر على البال، بل إن هناك إغراقاً وتشبعاً من بعض السلع المتشابهة في جودتها والمتباينة في أسعارها وفي الأخيرة - الأسعار - فوارق مذهلة تؤثر فيها وتتحكم فيها كثيراً جغرافية المكان لغلاء الإيجار وفخامة الديكور ولباقة البائع وشطارته!
ينطبق ما ذكرت على جميع السلع حتى الرئيسة منها، فضلاً عن السلع الثانوية والكماليات، وبوضوح شديد وبمجرد الخيار فقط فانه يمكن الاستغناء عن الكثير منها أو على الأقل الترشيد في استخدام معظمها ولو لبعض الوقت وإلى حين ريثما تزول عاصفة الغلاء التي هي وليدة ظروف عدة، منها الثقة المطلقة والقناعة المتمكنة لدى الشركات المصنعة والموردة في قوة الطلب وفي استسلامنا لها، إذ إننا ومن دون خلاف وبإجماع الجميع أمة مستهلكة من الطراز الأول، فالبعض يشتري ما يحتاج وما لا يحتاج ليس إلا بدافع المزاج وربما التبذير أحياناً، فإذا تعودنا على سلعة ما لا نتحول عنها إلا إلى ما هي أغلى منها، وليس من العادة ولا من السهل التحول إلى مثلها أو دونها، والقياس الرئيس هنا هو السعر الذي يعتبره الكثير المعيار الأساسي للجودة!
إن فطنة التدبير المعيشي تقضي عدم الركون إلى منتج محدد بصفة مطلقة، لأن ذلك من عناصر الضعف التي تمكن الشركات الجشعة من استغلال هذا الضعف والخلل في النمط الاستهلاكي السائد وبالتالي تتحكم، بل وتفرض السعر الذي تقرره ليرضي جشعها وطمعها على حساب المستهلك انطلاقاً من قاعدة تقديم العرض المغري المدعم بالإعلانات السخيفة، ومعظمها تلفت إلى سلع وبضائع لا حاجة ضرورية لها ولكن الإعلانات هي التي تصطنع الحاجة وتغرب بطلبها غير المبرر غالباً، فطالما أن الدعايات أوجدت الحاجة المصطنعة وأوهمت المستهلك نفسياً بأهميتها، هنا سيأتي الطلب وعند ذلك يفرض التاجر والمصنع السعر الذي يريدانه.
وفي اعتقاده الثابت أنهما - التاجر والمصنع - لديهما كل المبررات في رفع السعر كيفما يريدان، فتكاليف الدعايات والإعلانات، حتى الجارحة منها للذوق والحياء أحياناً، والمستوى الوثير والفخم للمكاتب والمحال وتذاكر السفر بالدرجة الأولى في الطائرات، وربما الطائرات الخاصة والفنادق والسيارات الفارهة، لها فاتورة باهظة، وكلفة مبالغ فيها في معظم الأحوال لا يدفع ثمنها إلا المستهلك... وغني عن القول أن التاجر لا يدفع شيئاً إلا في المضمون، كما أنه لا يساوي شيئاً من دون المستهلك الذي كان يستطيع في كثير من الأحيان أن يستغني عن التعامل مع أمثال هؤلاء التجار.
لماذا لا نعيد النظر في نمط سلوكنا الاستهلاكي ونتعود على تداول السلع، وعلى ثقافة المفاضلة في ما بين الأفضل والأرخص الذي هو أحق بالشراء كيفما يوافق مصالحنا وإمكاناتنا، حتى لو أدى ذلك إلى ترك «السلع المغرورة» على الأرفف على الدوام، فهي التي تنتهز فرص رفع السعر بمناسبة أو من دون مناسبة، وتتعمد تصعيد الحملات الإعلانية التي تستخف بعقولنا ولا تحترم خصوصيتنا ولا حتى مشاعرنا، فلو تعاملنا في هذا الجانب بشيء من الفطنة والذكاء لطوعنا تلك الشركات وأخضعناها لنا كمستهلكين وربما يتحقق أكثر مما نطمح. نعم الغلاء غول مفترس وهو موجة عالمية غارت على الكثير من الدول الغنية والفقيرة معاً، ولكن التعامل والمواجهة لهذه الموجة تختلف من بلد إلى آخر، فهناك من تعامل معها بما ذكرنا أنفاً، وهناك من نالت منه تلك الموجة أكثر مما يحتمل، ومن البديهي أن يترتب على ذلك الكثير من التبعات وقد تتفاقم الأمور وتعز حينها الحلول اليسيرة، خصوصاً مع ضعف الدخل وكثرة الفواتير وحصار الأقساط الشهرية.
إن الواقع يفرض البحث الدءوب عن البديل الذي يتميز بالجودة والسعر المناسب، فذلك الخيار الذي لا يظهر له بديل، وقد نستثني من ذلك عند الضرورة القصوى بعض الأدوية وأطعمة الأطفال مع الحرص على تفعيل هذا الخيار عند الدخول إلى المحال التجارية، عندها ستكون دفة سير الحركة الاستهلاكية في يدنا من المستهلكين وستحترم الشركات المنتجة والتجار المسوقون عقولنا ومشاعرنا، وسنستطيع مشاهدة الإعلانات التجارية مع أفراد الأسرة من دون تحفظ أو خوف، ما يخدش الحياء.

wemis@yahoo.com

منقووووووووووووووووووووووووول
كرملا غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 PM.