العودة   منتدى مقاطعة > مجتمع مقاطعة التفاعلي > مناقشات المستهلك > ارتفاع الأسعار وشماعة التكاليف

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-12-2009, 08:22 PM   #1
جمرة غضا
التميمية
المراقب العام
 
الصورة الرمزية جمرة غضا
 
رقـم العضويــة: 715
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: محفر تمر سكري
المشـــاركـات: 40,561
Twitter

افتراضي ارتفاع الأسعار وشماعة التكاليف

ارتفاع الأسعار وشماعة التكاليف

د. محمد آل عباس

كلما ارتفعت الأسعار أعلنت الشركات أن السبب هو ارتفاع التكاليف، والحقيقة أنه ليس كل ارتفاع للتكاليف ينعكس على الأسعار وليس كل ارتفاع للأسعار سببه التكاليف. لقد حير تفسير السعر الذي يدفع مقابل الحصول على خدمة أو سلعة ما علماء الاقتصاد لقرون عدة، وحاول العلماء وما زالوا يحاولون معرفة كيف تتحدد الأسعار، وبسبب هذه المناقشات الخطيرة ظهرت الثورات في العالم وانقسم علماء الاقتصاد إلى قطبين رئيسين. فإذا كان سعر منتج ما هو '' ريال واحد'' فمن حدد السعر؟ ولماذا قبل به الآخرون؟ نعم هناك عديد من المصروفات المختلفة التي تتكبدها الشركة المصنعة والتي تتلخص في أربعة عناصر وهي: ريع الأرض وأجر العامل وتكلفة الآلات والأصول المنتجة ثم العائد على رأس المال، لكن ليس بالضرورة أن يكون السعر النهائي هو نتيجة تجميع كل هذه العناصر. المشكلة أننا دوما على علم بالسعر الذي ندفعه مقابل الحصول على السلعة لكن تفاصيل عناصر التكاليف تلك سر من أسرار الشركات. تستطيع الشركات أن تدعي ما تشاء عندما تريد رفع الأسعار، فمن يحمينا من ظلم الشركات؟
في الاقتصاد الحر والمنافسة الكاملة فإن السوق تضمن عدالة السعر بفرضها لقانون العرض والطلب. فكل لاعب في السوق لا يستطيع التأثير في الأسعار لأنه لا يضمن ولا يستطيع التأثير في سلوك وقرارات باقي اللاعبين, لكن المشكلة تكشر عن أنيابها عندما لا تكون السوق تنافسية بالكامل كأن تكون هناك شركتان رئيستان فقط كما هو الحال في سوق مشروب الكولا. في هذه النوع من الأسواق فإن ضمان السعر العادل الذي تعكسه التكاليف أمر غير وارد وكما يقول آدم سميث ''إن أصحاب المهنة الواحدة نادرا ما يتفقون لكنهم يختمون حوارهم بالتحايل لرفع الأسعار''. في سوق محتكرة من شركتين غير متعاونتين يحكم السوق توازن يسمى توازن ناش، حيث يعرف كل خصم استراتيجية الآخر وردة فعله ولذلك فإن أي طرف لا يستطيع تحقيق مردود كبير بالاستناد إلى قراراته فقط بل يجب عليه النظر في ردة فعل الخصم الآخر. وبفعل هذا الأسلوب من التفكير فإن الأسعار تتجه إلى سعر مرض للطرفين بغض النظر عن مصالح المجتمع أو أي أطراف أخرى. ولكن بالعودة إلى مقولة سميث فإن هذا الأسلوب من التفكير وفي غياب رقابة المجتمع والحكومة قد يتطور إلى احتكار التواطؤ حيث يتصرف الاثنان بشكل تعاوني وهو ما يسمى بتوازن ناش التعاوني، حيث يعمل كل طرف للوصول إلى استراتيجية تزيد من المردود المشترك. في مثل هذه الأسواق لا تتحدث كثيرا عن التكاليف ولا تسأل عنها ولا تصدق من يدعيها.
في السوق السعودية أعتقد أن هناك كثيرا من التوازنات الاحتكارية ومنها من حصل قريبا من رفع أسعار مشروب الكولا. وحتى إذا كان سعر الكولا في المملكة أقل من مثيلاتها في دول العالم فإن التكاليف أيضا أقل. فنحن نعرف جميعا مستوى الأجور المنخفض في مثل هذه الشركات التي تغيب عنها السعودة، كما أنها تحصل على أرض المصنع من الدولة إما مجانا أو بأسعار رمزية وأرباحها غير خاضعة للضرائب لعدم وجود شريك أجنبي وحتى ما يدفع مقابل الاسم التجاري للمؤسسة الأجنبية لم يزل غير خاضع للضريبة لدينا (رغم أن تلك الأرباح تحققت من داخل الاقتصاد السعودي)، كما أن هذه الشركات تحصل على قروض من الدولة بلا فوائد، أي بلا تكلفة رأسمال، وهي شركات ذات مسؤولية محدودة أي أن الأرباح توزع على عدد محدود من أصحاب الثروة. فإذا وضعنا كل هذه المعلومات مقارنة ببعض الدول القريبة التي تصل تكلفة رأس المال إلى حدها الأعلى مضافا إليها تكلفة الاقتراض الضمني، كما أن تكلفة إيجار الأرض وأجور العمالة مرتفعة فإن هامش الربح الذي يحققه السعر لديهم أقل من نظيرة لدينا والأرباح المتولدة للشركات العاملة في المملكة ضخمة جدا وهي أرباح خاضعة للزكاة فقط وليس عليها ضرائب بعكس باقي دول العالم.
ومحاولة تجاهل الشركات السعودية للمجتمع بل أقول خداعها له أمر واضح وجلي، فبينما تقوم الشركات والمزارع في الاتحاد الأوروبي بسكب الحليب في مظاهرة هدفها إعلان الاستياء من انهيار الأسعار فإن شركات الألبان لدينا وشركات توزيع الحليب المبستر تصر على رفع الأسعار وتدعي أن مرد ذلك إلى ارتفاع التكاليف ثم تبكي على حال المجتمع بدموع التماسيح. عندما ارتفعت أسعار الألبان بلا مبرر حقيقي قبل أكثر من عام أكدت في مقالة في هذا العامود أن هذه الشركات ستحفز باقي قطاعات الاقتصاد على رفع أسعارها إذا ما نجحت تلك الاستراتيجية التي تهدف إلى خلق توازنات جديدة أكثر ربحية إن لم أقل أكثر جشعا. وها هي ردود الأفعال تتوالى بالظهور وستستمر ما لم تحدث شروخ في التحالفات الاحتكارية ولا أعتقد أن هناك أملا في مثل ذلك ما لم تتدخل الدولة بقوة كما فعلت مع شركات الحديد. وفي مثل هذه الظروف والأجواء الاحتكارية الخطيرة نترقب أسعار الأرز التي سيرفع عنها الدعم. فكيف يمكن تفسير بقاء الأسعار مرتفعة مع الدعم وكيف لم ترتد مع هدوء السوق العالمية؟ وإذا كانت الأسعار قد وصلت إلى مرحلة لا تحتاج الشركات معها للدعم فإن معنى ذلك أن هناك فترة من الوقت انقضت والشركات تحصل على أرباح هائلة ناتجة من مصدرين الأول تراجع السعر العالمي مع بقائه مرتفعا في السوق المحلية، ثانيا استمرار الدعم الحكومي. المحزن في كل ذلك أن تخاطب الوزارة هذه الشركات بود مبالغ فيه وترجو منها عدم رفع الأسعار بعد سحب الدعم.

http://www.aleqt.com/2009/12/18/article_318363.html

___________________________

التميمية تويتر


للتواصل مع ادارة المقاطعة


جمرة غضا غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:02 PM.