العودة   منتدى مقاطعة > الإعلام > مقالات > مقالات .. الأمن الغذائي.. تساؤلات مستمرة >> طلال الجديبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-2012, 09:19 AM   #1
abuhisham
الإدارة

 
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
Twitter

افتراضي مقالات .. الأمن الغذائي.. تساؤلات مستمرة >> طلال الجديبي

الأمن الغذائي.. تساؤلات مستمرة


طلال الجديبي


يكثر في الأزمات إطلاق الأحكام ويقل مقابل ذلك طرح التساؤلات على الرغم من أن الأزمة في طبيعتها ورطة يصعب فيها الحل والحكم والاستنتاج مهما بدت الأمور وكأنها واضحة جليّة. لذا يمثل السؤال الأسلوب العلمي الإيجابي الذي يُقرّب من الحل، فهو طلب شرعي للمعلومة وإثارة تُبعثر وتزيح ضبابية الأزمة.

كان ارتفاع أسعار الدواجن الأخير حدثا كغيره من الأحداث التي تثير الأسئلة ويقف عندها الناس قليلاً متعاطفين ومنفعلين. وعلى الرغم من أن الالتفات المؤقت والمرحلي لهذه المواضيع لا يُعد تعاملاً مثالياً ويفتقد العمق والتأثير، إلا أن الأحداث عموما تعمل كالمنبهات التي يجب أن تثير الأسئلة المهمة والمؤثرة. وخلال هذا الحدث الأخير ومن قنوات مثل تويتر وغيرها خرجت الكثير من هذه الأسئلة أستخلص منها ما يلي:

- إذا كانت المملكة تقع على شاطئين طويلين، فلماذا لا يشكل السمك نسبة معتبرة من الغذاء؟ على الأقل، له فوائد صحية عديدة. علما أن المعدل السنوي لاستهلاك الفرد من المأكولات البحرية في السعودية عشرة كيلو جرامات تقريبا، مقارنة بـ 16 في مصر و28 في عُمان. قد نجد بذلك مدخلا للحفاظ على البيئة البحرية والثروة السمكية المعرضة لكثير من المخاطر. لماذا لا يزال سعره خارج متناول اليد؟ نحن نملك القدرة على زراعة كل حاجتنا منه، فهو على الأقل لا يحتاج إلى أكثر مصادرنا ندرة: الماء العذب.

- لماذا لا تبتكر الحلول، ولو بإنشاء مزارع للدجاج العضوي يتم مثلا توجيهها - بدافع استراتيجي- لأصحاب القدرة الشرائية العالية وفي الوقت نفسه يتم ترويج الدرجات الأخرى من الدجاج العادي (درجة أولى وثانية مثلا)؟ بهذا تعطى الفرصة للأقل حظا بشراء ما يشتهي وفي الوقت نفسه يتمكن منتج الدواجن من إعادة توزيع هوامش ربحه على التكلفة بعد اعتبار القدرة الشرائية لعملائه.

- إذا كان ارتفاع أسعار اللحوم عائدا للأعلاف، والأعلاف تستورد من الدول الزراعية التي تحظى بوفرة المياه، أين مراكز الأبحاث الزراعية لدينا عن استخدام ماء البحر في تصنيع بعض هذه المكونات؟ (فهو من أوفر وأثمن ما نملك بعد البترول)، لعل التكلفة تنزل قليلا ونحظى بنموذجنا الذي يوائم حاجاتنا وقدراتنا. لن يصلح ماء البحر لزراعة القمح والخضراوات، لكنه قد يصلح لزراعة محاصيل الأعلاف.

- إذا كانت المشاريع الصغيرة في قطاع الدواجن لا تقدم التأثير المطلوب في السوق، لماذا لا تتم إعادة هيكلة السوق بحيث يستفيد التاجر الكبير ويستفيد قبله التاجر الصغير؟ وهي كذلك تنمية قروية شاملة. في الولايات المتحدة (وحتى في إفريقيا) تقوم صناعات ريادية كاملة قائمة على المجال الزراعي. المهم ألا يتم ترويج هذه المزارع ثم بعد سنوات عدة يتم وصفها بالدكاكين. هناك تجارب عالمية متعددة لتفكيك مراحل بعض الصناعات إلى منشآت أصغر بغرض صنع الوظائف وإعادة توزيع التكلفة.

- نحن نكاد نكون الدولة الوحيدة: الغنية، الجافة، والكبيرة في الوقت نفسه. نعود في قراراتنا إلى أبحاث الغرب وهي وليدة بيئتهم وليس بيئتنا. نعم لا نريد اختراع العجلة من جديد، لكن يجب أن ننتبه إلى قدرة الطبيعة وما وهبه الله لنا فيها. وهذا يطرح السؤال: لو كانت مراكز الأبحاث الغربية تقع في السهل التهامي أو مجاورة لبعض صحارينا، هل ستحظى بالنتائج نفسها؟ باعتبار أن الطبيعة التي يراها الباحث وتقوم بإلهامه مختلفة بالكامل.
- إذا كانت المشكلة أعمق من هذا كله، وهي تعود إلى الماء، فهو الذي يجعل الزروع تنمو والأعلاف تُحصد واللحوم تؤكل، فلماذا لا نزال نعاني مشكلته إلى اليوم ونحن نعلمها من عشرات السنين؟ وكيف سنعانيها غدا إذا كنا حتى اليوم نعجز عن حلها؟

للكثير من الأسئلة إجابات تفصيلية وتبريرات متعددة، لكن في نهاية المطاف مهما جاوبت السائل أو أرجعته إلى جهة تبذل الجهد لحل هذه الإشكالية سيقول: "الواقع لا يتفق مع الطموحات والجميع يشعر بأن هناك مشكلة في الأسعار وتصاعدا في هذه التغييرات الاقتصادية التي لا تعطي الفرصة حتى لسلوكياتنا بأن تتواءم معها"، ويضيف قائلا: "إذا كان واضحا أن الجهد لا يخدم الهدف، إذن هناك المزيد مما يجب فعله"، وهو يشير إلى أن أكثر التبريرات تعود إلى الأسباب الخارجية والتغييرات العالمية التي لا تحدث في يوم وليلة. بل هي مسائل تعود مثلا إلى الجفاف أو الفيضانات في مكان ما أو مشكلة سياسية في مكان آخر. وهذا كُله مما يُعرف ويُعلن، وتأثيراته في أسعار المواد واضحة، فعقودها مؤجلة وأسعارها مقدمة وأسواقها مفتوحة لمن أراد دراستها ومتابعتها.

تعصف الكثير من الأزمات العالمية باقتصادات الدول والمجتمعات، والأثر الذي يلحق بالاقتصاد يلحق بالمجتمع بطريقة أو بأخرى والنماذج المعاصرة كثيرة (مثلا: اليونان اليوم). تجاوب المجتمع وتعاطيه مع تغييرات اقتصادية ليست جديدة. في السابق كان على شكل هجرات ونزوح جماعي وسفر لرحلات طويلة بالسنوات واليوم أصبح هذا التعاطي أكثر مرونة وتنوعا. فأصبح الشاب يؤخر زواجه ويُجبَر المتقاعد على البحث عن عمل، بل اضطرت بعض المجتمعات لتغيير سلوكياتها الغذائية والحياتية اليومية تبعا للضغوط الاقتصادية وندرة وصعوبة الحصول على الموارد والمنتجات.

يحوز الوضع اليوم شفافية نسبية، لكنه في الوقت نفسه معقد جدا. للكل الحق في إبداء الرأي، خصوصا أن فرص الابتكار والتغيير دائما متاحة. في السابق، كان يصُعب على العامة إدراك المسببات أو حتى طرح الأسئلة في محيط مسموع ومكشوف، واليوم يستطيع كل من يريد أن يتعرف على محاور المشكلة، بل يتعرف على حلول وإجابات الأسئلة المذكورة أعلاه. مهمة التغيير تتطلب الكثير من أدوار القيادة والتنسيق وحساسية عالية في التجاوب مع هذه الأحداث المتسارعة، فهي مهمة سباق مع الأسئلة (والحاجات المتزايدة) التي لن تتوقف بل ستزيد عمقا وذكاء.

http://www.aleqt.com/2012/11/05/article_706915.html
abuhisham غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:44 AM.