العودة   منتدى مقاطعة > الإعلام > مقالات > الغلاء .. يضع الحكومة والناس في قارب واحد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-11-2007, 08:33 PM   #1
Saudi Mqataa
إعلامي المنتدى

 
رقـم العضويــة: 4093
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشـــاركـات: 2,362

افتراضي الغلاء .. يضع الحكومة والناس في قارب واحد

الغلاء .. يضع الحكومة والناس في قارب واحد
د. أمين ساعاتي - كاتب أقتصادي 24/10/1428هـ
Dr_saaty@yahoo.com

منذ عام 2004 أعلنت العديد من مراكز الدراسات ووكالة الطاقة الدولية أن العالم يتجه إلى زيادة ملحوظة في استهلاك البترول وأن سعر برميل البترول الواحد سيطير في الأسواق العالمية حتى يقفز من 30 دولاراً إلى مائة دولار.
يومها كتبنا هنا في "الاقتصادية" نحذر من ارتفاع أسعار البترول إلى هذا المستوى، لأن الزيادة الملحوظة في أسعار البترول .. ستؤدي إلى زيادة ملحوظة في أسعار كل السلع والخدمات التي نستوردها من الدول الصناعية، ونحن حتى الآن دولة مستوردة من الدرجة الأولى.
ومع أننا نسلم بأن السعر العادل لبرميل البترول لن يتحقق إلا إذا تجاوز السعر 145 دولاراً للبرميل الواحد، لكن نؤكد أن ارتفاع أسعار السلع والخدمات سوف يتواصل في شكل موجات وفي فترة زمنية قصيرة ستلحق أضراراً بالغة ومباشرة بالمستهلك الفرد في الدول المستوردة، وبالذات الدول التي تعتمد على الاستيراد من السوق الأوربية واليابانية.
وحتى الآٍن لا أحد ينكر أن ارتفاعات الأسعار امتصت جزءاً كبيراً من دخل المستهلك في الدول البترولية وبالذات في دول الخليج، والمشكلة الأكبر هي أن سيناريو ارتفاعات الأسعار في جميع الأسواق المحلية والعالمية سوف يستمر في شكل موجات متتالية.
إن توالي موجات ارتفاعات الأسعار لن تكون تأثيراته السلبية فقط على المواطن ومستوى معيشته وطموحاته المشروعة، بل تمتد بالضرورة إلى مجمل الأوضاع الاقتصادية، وتؤثر بشكل سلبي ومباشر في طموحات التنمية كافة خاصة زيادة معدلات الاستثمار المحلي، وكذلك جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي وهو ما يجعل من التضخم ومعدلاته قضية حيوية ومصيرية حاكمة لكل توقعات النمو والتنمية. إن التضخم في أسعار السلع والخدمات يثير في جميع الأوساط الاقتصادية نوعاً من عدم التأكد وارتفاع درجات المخاطر الأمر الذي يضع مزيداً من المصاعب أمام عمليات التخطيط للمستقبل سواء في مجال الاستثمار أو الادخار، ونتيجة لكل هذه الآثار لوحظ أن الدول التي عانت فترات تضخم طويلة شهدت انخفاضاً ملحوظاً في معدلات النمو الاقتصادي، كذلك فإن أهم الفئات التي ستعاني الغلاء تتمثل في المقرضين والمدخرين حين تتدهور القوة الشرائية لأموالهم التي اقترضوها قبل ارتفاع الأسعار، وكذلك يتضرر أصحاب الودائع بمختلف آجالها كذلك يعاني أصحاب الودائع الجارية خسائر أكبر نتيجة الموجات المتتالية لارتفاعات الأسعار. وهكذا أصبح التضخم في صدارة أوليات الحكومات، واستطاعت دول كثيرة أن تأخذ معدل التضخم في الاعتبار عند تحديد الأجور وأسعار الفائدة.
إنني أناشد مؤسسة النقد ووزارة المالية ضرورة وضع دراسة عميقة لتوجهات التضخم في السنوات القليلة المقبلة، وفي ضوء النتائج التي ستصل إليها الدراسة فإنها في حاجة إلى إعادة صياغة السياسة النقدية والمالية، بحيث تحاول هذه الصياغة هضم معدلات التضخم الحالية والمستقبلية، وعندئذ يجب ربط التضخم بالسياسة العامة للدولة، بحيث تتضمن هذه السياسة وسائل مكافحة التضخم.
وحتى الآن نستطيع القول إن مؤسسة النقد ووزارة المالية لم تنجحا ـ للأسف ـ في لجم جماح ارتفاعات الأسعار. ولكن كان الاهتمام الشخصي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والتوجيه السامي بضرورة وضع حد للغلاء الذي انتشر في السوق السعودي خلال الشهرين الماضيين .. كان وقعه قوياً على أجهزة الدولة المعنية، ولا شك أن الموقف الإنساني والفوري الذي اتخذه الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية سيسفر عن نتائج إيجابية لصالح المستهلك، وقد أعجبت جداً بالتكليف الصريح والواضح الذي طالب به أمراء المناطق بأن يدرسوا أسباب الغلاء ويبادروا بالتعامل معها. ورغم أن هذه المبادرات من قبل الأمير نايف جيدة وموفقة .. إلا أن مشكلة ارتفاع الأسعار لا يحلها أمراء المناطق فقط ولا تحلها الغرف التجارية فقط، ولكن القضية أكبر من ذلك ولعل أولى الخطوات أن تبادر الحكومة بتصحيح مفهوم الحرية الاقتصادية ومفهوم اقتصاد السوق، فالحرية الاقتصادية لا تعني أن التاجر حر في ممارسة الاحتكار ووضع الأسعار التي يريد، بل بالعكس يعد الاحتكار مخالفة صريحة لمبادئ اقتصاديات السوق، كما أنه مخالفة صريحة لمبادئ الاقتصاد الإسلامي. إن الدور الرقابي والتنظيمي للحكومة على مؤسسات القطاع الخاص في ظل اقتصاديات السوق .. سيزيد ويشتد عند ارتكاب القطاع الخاص المخالفات ومنها الاحتكار وفرض أسعار بعينها.
إن مشكلة ارتفاعات الأسعار مشكلة شرسة ومتشعبة وتحتاج إلى برنامج، ويجب ـ في البدء ـ أن تمارس الحكومة سلطاتها لتفعيل الأنظمة، خاصة لائحة الحوكمة والشفافية وتقنين نظام المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وحماية المستهلك وليس من الضروري أن تنتظر الحكومة شكوى الأفراد أو تنتظر إبلاغها عن المخالفات وحالات خرق الأنظمة، وهناك العديد من السياسات التي يمكن إقرارها لمحاربة الغلاء منها ـ على سبيل المثال ـ تجارة الجملة والتجزئة وقطاع التوزيع والنقل والتخزين التي لا تزال تلعب دوراً مؤثراً في ِارتفاع الأسعار في الأسواق نتيجة لضعف تنظيمات هذا القطاع وكثرة الوساطات بين سلسلة من التجار والوكلاء، وبالتالي فإن تطوير وتحديث قطاع التجارة يمثل خطوة مهمة باتجاه مكافحة ارتفاعات الأسعار .
كما أن واجب الحكومة بالنسبة لهيكل الرواتب لموظفي الحكومة وهيكل الأجور بالنسبة لموظفي القطاع الخاص يجب أن يصمم بحيث يستوعب ويمتص الزيادة في الأسعار، أي أن سلم الرواتب يجب أن يتجاوب آلياً مع معدلات التضخم للمحافظة على مستوى المعيشة، فضلاً عن رفع أسعار الفائدة مع ارتفاع الأسعار حتى تتم المحافظة على سعر الفائدة بشكل موجب على المدخرات حتى لا تتآكل قوتها الشرائية، كذلك يجب أن تقرر الحكومة فوائد على الودائع الجارية تتغير مع تغير معدلات التضخم خاصة في حالات التضخم الجامح.
إن الآخذ بمثل هذه الأساليب يحد من الأضرار التي تلحق بفئات كثيرة من أفراد المجتمع ويسمح لمؤسسة النقد باستهداف مستويات معقولة لمعدلات التضخم، بحيث لا تؤثر سلباً في أداء الاقتصاد الوطني ولا تلحق أضراراً كبيرة بأفراد المجتمع، كذلك تساعد هذه الإجراءات الوقائية على تقليل اللجوء إلى سياسات انكماشية لمعالجة ارتفاعات الأسعار.
والخلاصة أن الإنسان السعودي حينما بدأ ينعم بالانتعاش الاقتصادي الذي يشهده الاقتصاد السعودي في هذه الأيام .. دهمته موجات ارتفاعات الأسعار وخطفت منه نسبة كبيرة من الزيادة في دخله وجعلته ضحية غول الأسعار المتصاعدة.
http://www.aleqtisadiah.com/article.php?do=show&id=7344

___________________________

كلنا فداء للوطن







Saudi Mqataa غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 PM.