نجاحات الرئيس التركي طيب أردوجان
د.نورة خالد السعد
ما نشر في الصحف البريطانية عن تراجع الطلب على صادرات الكيان الصهيوني للدول الأوروبية يعد مؤشرا مهما إذ بلغ نسبة 20 في المائة، وذلك في أعقاب العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة والذي أدى إلى تغيير تصرفات المستهلكين والمستثمرين الأوروبيين. وقالت صحيفة "ذي جارديان" البريطانية في عددها الصادر يوم السبت الماضي: إن الشركات الإسرائيلية بدأت تشعر بتداعيات المقاطعة الأوروبية وسط مشاعر قلق داخل قطاع الأعمال "الإسرائيلي" تجاه الحملات المنظمة في أعقاب العدوان على غزة.
وأعلن اتحاد شركات الصناعة في "إسرائيل" الأسبوع الماضي أن 21 في المائة من بين 90 شركة تصدير "إسرائيلية" محلية شعرت بالهبوط في الطلب بسبب المقاطعات وبشكل خاص من المملكة المتحدة والدول الإسكندنافية. وأفاد تقرير لمعهد صادرات هذا الكيان المعتدي الشهر الماضي أن 10 في المائة من أصل 400 شركة تصدير خضعت للدراسة أشارت إلى أنها تسلمت إشعارات بإلغاء طلبات شراء هذا العام نتيجة العدوان على غزة.هذه المواقف الإنسانية الحضارية تؤكد أن المجتمع المتقدم هو الذي يسمح لمواطنيه بالتعبير عن اتجاهاتهم ولا يمنعهم من ممارسة أي سلوك يعضد هذه المواقف ويسهم في صياغة الرأي العام بعيدا عن تدخلات الدولة. هذه المقاطعة تجيء مكملة لتلك المظاهرات التي اجتاحت الشارع الأوروبي خلال الحرب الهمجية على قطاع غزة. خصوصا أن تأثيرها يضرب الاقتصاد الصهيوني بقوة, فقد أكد صحافيون مختصون في الشؤون المالية أن الشركات "الإسرائيلية" المختصة بالتقنيات المتقدمة والأطعمة والشؤون الزراعية عانت من عواقب وخيمة بعد الهجوم الذي استمر ثلاثة أسابيع على غزة، ودعت الحكومة إلى التدخل لحماية مصالح الأعمال هذه من مقاطعة متزايدة.
ونقلت "الجارديان" عن رئيس إدارة التجارة الخارجية في جمعية الشركات الصناعية دان كاتريفاس قوله: لا شك أن الضوء الأحمر قد اشتعل بالفعل، مشيرًا إلى أن المصدرين يواجهون مشكلات بسبب المقاطعات مشكلة تصدير مع بريطانيا، وكشف عن وجود "مشكلة خاصة في بريطانيا تتعلق بتصدير المنتجات الزراعية من إسرائيل"، موضحًا أن المشكلة تتعلق في جزء منها بما يكتب على الملصق الخاص بالسلع التي تنتج في المغتصبات الصهيونية داخل الأراضي المحتلة.
وتستهدف عمليات المقاطعة في أوروبا المنتجات الغذائية كالبرتقال، والأفوكادو والتوابل، بينما تركزت المقاطعة في تركيا على المنتجات المتصلة بلوازم الأعمال الزراعية كمبيدات الحشرات والأسمدة والمخصبات.هذه المقاطعة من الدول التي لها علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني . ورغم هذا اتخذت قرارها واستمرت فيه رغم المحاولات من جانب الكيان الصهيوني لإيقافه.
استعدت هنا موقف البعض من المخذلين الذين سطروا عشرات المقالات تنديدا بمقاطعة العرب والمسلمين للبضائع الدنمركية بعد نشر الصور المسيئة لمقام الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ. مشاركة تركيا في المقاطعة تمثل المسار التضامني مع الحق والدفاع عن جميع ما يمس الكيان الإسلامي وقضايا المسلمين.
ولا ننسى موقف الرئيس طيب أردوجان عندما انسحب من مؤتمر دافوس احتجاجًا على عدم إعطائه الفرصة للتعقيب على مزاعم الرئيس شمعون بيريز بشأن العدوان الأخير على غزة. ومنذ أيام وخلال قمة حلف الناتو في مدينة "ستراسبورج" الفرنسية يوم السبت استخدم أردوجان حق الفيتو ضد اختيار راسموسين أمينًا عامًا جديدًا للناتو خلفًا للدبلوماسي الهولندي ياب ديهوب شيفر الذي سيترك منصبه في نهاية تموز (يوليو) المقبل. رغم أن كل الدول الأعضاء في حلف الناتو أيدت ترشيح راسموسن رئيس الوزراء الدنمركي رئيسًا للحلف خلفًا لشيفر, إلا أن صوتًا واحدًا هو الصوت التركي كان كفيلاً بإلغاء الترشيح؛ إذ يشترط فيه إجماع الدول الأعضاء, وقد تدخل لحل تلك الأزمة عدد من زعماء الناتو لإقناع أردوجان بالتراجع عن الفيتو إلا أنه أكد تمسكه بموقفه. وقد ضمت أردوجان وراسموسن والرئيس الأمريكي باراك أوباما جلسة مباحثات مغلقة بعد اعتراض رئيس الوزراء التركي على تولي راسموسن للمنصب. وانتهت الجلسة المغلقة على عقد صفقة مع أردوجان تتراجع خلالها تركيا عن استخدام الفيتو، مقابل تعهدات من الناتو بالتعامل مع العالم الإسلامي على أساس من الاحترام المتبادل، بجانب تقديم راسموسين اعتذارًا علنيًا للمسلمين عن الرسوم المسيئة خلال الاجتماع الوزاري المشترك الخاص بحوار الحضارات والعلاقة بين الغرب والإسلام الذي يعقد حاليًا في إسطنبول".
راسموسن دافع عن هذه الرسوم تحت شعار حرية التعبير، ولم يعتذر!! ولكنه وعد أنه سيولي اهتمامًا كبيرًا للحساسيات الدينية في إطار دوره الجديد أمينًا عامًا لحلف شمال الأطلسي.
وتساءل أردوجان سؤالا مهما يوضح منهجيته في التعامل مع هذه القضايا بطريقة عقلانية لا تغتر بالعبارات الإعلامية التي يطلقها أمثال رامسوسن: (كيف يستطيع من عجزوا عن المساهمة في السلام أن يساهموا فيه مستقبلاً؟! لدينا شكوك)
وعقب على اتخاذه موقف الرافض لترشيح رامسوسن واستخدامه حق الفيتو أنه كان يتصرف بطريقة مسؤولة بصفته رئيسًا لوزراء تركيا.هنا نجد الوضوح والثبات في منهجيته رئيسا لوزراء دولة مسلمة, هذا الموقف نجد صداه واضحا في زيارة الرئيس الأمريكي لتركيا كأول دولة إسلامية بعد توليه الرئاسة وعبر عن دعم بلاده لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. بل وضح في كلمته أمام البرلمان التركي: (إن علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي لن تقوم على معارضة تنظيم القاعدة, وقال إننا نسعى إلى مشاركة أوسع تقوم على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. وسوف نعبر عن تقديرنا العميق للدين الإسلامي، الذي ساهم في صياغة عالم أفضل، بما في ذلك بلادي، عبر قرون عديدة).
بالطبع كلمات الرئيس الأمريكي تجيء في السياق نفسه الذي اتخذه في محاولات مميتة لاستعادة مكانة دولته علي المستوى القيمي والإنساني بعد أن حطمتها استراتيجية رئيسها السابق الذي أعلن الحرب ليس على الإرهاب كما قيل ولكن في الواقع كانت حربا على كل ما له علاقة بالإسلام وتأكيدا لهذا الوقع المظلم الذي اكتوت به المؤسسات الإسلامية والإغاثية والمناهج المتعلقة بالعلوم الشرعية الإسلامية ناهيك عن أخروب التي قضت على الأخضر واليابس .نجد أن الرئيس الأمريكي الحالي يردد في البرلمان التركي كما ردد سابقا أن أمريكا لا تحارب الإسلام. وكما كان الرئيس السابق جورج دبليو بوش في جميع الدول التي كان يزورها يقابل بمظاهرات رافضة لوجوده ولسياساته العدوانية تجاه الشعوب المستضعفة, فإن الرئيس الحالي أيضا قوبل في تركيا بمظاهرات من هذا النوع. بررتها الحكومة التركية أنها من تنظيمات صغيرة.
ما علينا القيام به كي نكون في مستوى موقعنا في العالم مسلمين لا بد أن نعتز بديننا ونتشرف به, لا أن نتقبل عدوانية الآخر تجاه هذا الدين. وسنرى الآن كيف ستتغير الاتجاهات الفكرية والسياسية مع بوصلة الرئيس الأمريكي واستراتيجيته الجديدة، وكما ذكر خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن اللهجة الجديدة التي يستخدمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مقدمة لتغيير حقيقي فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية في الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكية والأوروبية.
http://www.aleqt.com/2009/04/09/article_213703.html
تعليق :
هل هذا مقال أو تقرير صحفي ؟!
معلومات دقيقة , ارقام , نقل من مصادر خارجية , تحليل .
كل هذا في " مقال " لكاتبة ,
لا بأس ! اذا عرفنا ان هذه الكاتبة لديها خبرة 30 عاما في الصحافة .
نسخة مع التحية لكل كاتب لا يعطي للمقال أهميته .
نعود لموضوع المقال وهو المقاطعة , فنحن ندعم هذا التوجه
وقد اتخذنا من المقاطعة وسيلة راقية للتعبير عن الرأي
ونتمنى أن يتسع هذا المفهوم .
لمعرفة د. نورة السعد أكثر :
http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-92-14633.htm