فوضى الأسعار .. وطحن المواطن .. ووزارة المستهلك
خالد الفرم
المراقب لحركة أسعار السلع والخدمات في المملكة، خاصة في شهر رمضان المبارك؛ يدرك حجم الجشع والاستغلال والانتهازية التي يتعرض لها المواطن والمقيم، سيما مع ضعف الدور الرقابي لوزارة التجارة وحماية المستهلك، وانخفاض الوعي الاستهلاكي للمجتمع، ومعرفة الحقوق والواجبات في هذا الملف لكافة الأطراف.
فليس من المنطق أن ترتفع أسعار سلع غذائية، وأخرى أساسية وخدمية بنسب تصل إلى 100%، وليس من المعقول ــ أيضا ــ أن تتفاوت نسب أسعار السلع بين المحلات والأسواق، بمعدلات تصل أيضا إلى مانسبته 100 %. كما أنه ليس من المقبول أن يشتري المواطن سلعة اليوم بسعر، ويجدها غدا بسعر مضاعف.
هذا النهب الذي يمارسه بعض التجار للمواطنين والمقيمين، ما كان له أن ينجح لو كان هناك دور رقابي فاعل لوزارة التجارة، وجمعية حماية المستهلك، بل إن كثير من القرارات التي صدرت من القيادة، للجم التضخم وضبط ارتفاع الأسعار، وتوعية المستهلك وحمايته، لم تتحول إلى برامج عمل تنفيذية، يلمس جدواها على الأرض المواطن والمقيم.
حاليا.. مع استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مبرر،
خاصة أن كثيرا من السلع انخفضت أسعارها في السوق العالمية والإقليمية، فيما ارتفعت في السوق السعودية، بمعنى أن الإشكالية (محلية) رقابية وإدارية. مما يستدعي وضع حلول جذرية وعاجلة، لحماية المواطن والمقيم، من هذا النهب والاستغلال لواقع السوق السعودية؛ المليء بالثغرات وغياب التشريعات والمراقبة المعاقبة.
ومع عجز وزارة التجارة عن ضبط السوق، وفق معايير منصفة وعادلة، تبرز الحاجة لإنشاء جهاز فاعل (مستقل) لإيقاف هذا النزيف الوطني، الذي تتعرض له كافة قطاعات وطبقات وشرائح المجتمع، خاصة الطبقتين، الوسطى والدنيا، وذلك من خلال إنشاء وزارة لحماية المستهلك، بعيدا عن وزارة التجارة، التي لا تتقاطع أولويات القائمين عليها مع أولويات المواطن، بل ربما هي أقرب إلى الاستماع إلى اهتمامات التجار أكثر من أنين المواطنين.
إن إعادة النظر في المنظومة المتعلقة بحماية المستهلك وحركة الأسعار، وتشكيل جهاز جديد فتي وفاعل، ضرورة وطنية، للمحافظة على الأمن الوطني السعودي الاستراتيجي، والاستقرار الاجتماعي الشامل، خاصة في ظل تنفيذ مشاريع مكافحة البطالة والفقر، التي يتطلب مكافحتها إيجاد أرضية وبيئة طبيعة في أسعار السلع والخدمات، وملاءمتها ماديا لكافة شرائح المجتمع، بعيدا عن فنتازيا حرية الأسواق، وفلسفة العرض والطلب، فقد رأينا كيف تتدخل الدول المتقدمة في التأثير على التوجهات الاقتصادية لحماية شعوبها واستقراراها.
alfirm@gmail.com
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0817367843.htm