العودة   منتدى مقاطعة > مجتمع مقاطعة التفاعلي > مناقشات المستهلك > عندما تتفق وزارة التجارة مع التجار.. يا مستهلك لك الله

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-06-2012, 10:33 PM   #1
abuhisham
الإدارة

 
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
Twitter

افتراضي عندما تتفق وزارة التجارة مع التجار.. يا مستهلك لك الله

عندما تتفق وزارة التجارة مع التجار.. يا مستهلك لك الله


د. محمد آل عباس


كان هنا رجل دعا الله مدة طويلة أن يجعل في جيبه عشرة ريالات ثم أغمض عينيه ووضع يده في جيبه فوجد فيه خرقا فعاد أدراجه يبحث عن العشرة لعلها سقطت منه. تذكرت هذه القصة بعد أن قرأت خبر توقيع وزارة التجارة عددا من اتفاقيات التفاهم مع كبار شركات وتجار التجزئة، ثم عدت وقلبتها ''أخماسا في أسداس''، وبحثت أياما وهنا وهناك أبحث عن مخرج تدعمه النظرية الاقتصادية القديمة والحديثة لكي أفهم هذه الاتفاقيات، لكني لم أجد سوى تفسيرات مرعبة وكلها لا تدعم مصالح المجتمع. يقول خبر الاتفاقية الموجود في موقع الوزارة إن الوزارة أطلقت ما سمته مبادرة ''مع منافذ البيع لاستقرار السلع الاستهلاكية''، ثم جاءت التفاصيل أن الوزارة وقعت مع المراكز التجارية الكبرى في المملكة على ''مذكرات تفاهم'' تتضمن قيام المراكز التجارية بتثبيت أسعار معروضاتها من السلع والمحافظة على استقرار تلك الأسعار لمدة عام من بداية التوقيع على تلك المذكرات دون أي تغيير إلا بالحصول على موافقة رسمية من الوزارة. وببساطة فإن هذا الخبر ظاهره فيه الرحمة وباطنه العذاب.

ما حيرني في الموضوع كله هو ما الذي يجعل وزارة عملها فحص آليات الحركة التجارية والاقتصاد وضمان عدالتها ومن ثم إصلاحها أن توقع اتفاقية مع التجار (اتفاقية تفاهم)؟ ببساطة معناه أن التجار أصبحوا ندا للوزارة وليسوا خاضعين لها أو لتشريعاتها، ومعناه أن الوزارة لا تستطيع أن تجبر التجار على أي شيء أو تفرض عليهم اتجاها معينا، وهذا معناه أيضا أن الوزارة ليست لديها أدوات أو أن جميع هذه الأدوات فشلت ولم يعد من مخرج إلا توقيع اتفاقية غير ملزمة. سيقول البعض إن الوزارة فعلا لا تفرض شيئا على التجار لأن السوق حرة، وهذا توجه الدولة، ولذلك لا يمكن فرض شيء على أحد. إذا قلنا بذلك فما معنى هذه الاتفاقية التي تفرض على التجار تثبيت الأسعار وعدم التعديل إلا بالعودة إلى الوزارة؟ ما معنى أن الوزارة لا تستطيع فرض الأسعار أو اتجاهها على الأقل ومع ذلك توقع اتفاقية (مع وليس على) التجار للعودة إلى الوزارة إذا رغبوا في تعديل الأسعار؟

إذا لم تكن الوزارة قادرة على فرض رأيها على التجار من البداية وتلزمهم ابتداء بلا اتفاقيات فكيف ستفرض رأيها إذا لم يلتزموا بتثبيت الأسعار مع اتفاقية تفاهم فقط؟

ثم أليس فرض تثبيت الأسعار توجيها للسوق؟

هل ألغت وزارة التجارة مفهوم السوق الحرة وتمارس الاقتصاد المركزي أم أن الوزارة ستنظر في مبررات التجار وحجم تكتلهم إذا رغبوا في رفع الأسعار، فإذا تكتلوا وقرروا جميعا رفع الأسعار وافقت الوزارة، أما إذا رفعها أحدهم بشكل منفرد فلن يقبل منه. أي أن الوزارة تحولت إلى تنسيق عمل التجار عند رفع الأسعار؟

هل هذا هو الدور الجديد للوزارة؟

اتفاقية التفاهم معناها أن الوزارة ترى أن الأسعار الحالية معقولة جدا للطرفين (التاجر والمستهلك) نحن نعرف أن التجار مثلوا أنفسهم بأنفسهم فمن مثل المستهلكين، من قال إن المستهلكين راضون عن الأسعار الحالية.

وخذ مثالا سعر الأرز الذي انخفض في العالم وتمنح الدولة مقابل استيراده دعما ضخما ومع ذلك لم ينخفض سعره ولم يتم تعديله منذ بدأت أزمة الغذاء العالمية وانتهت قبل أكثر من عامين. من مَثّل المستهلكين في الاتفاقية؟ هل مثلتهم الوزارة؟ لكن هذا لا يجوز منطقيا ولا قانونيا، فالوزارة حكم عدل بين أفراد المجتمع (المستهلكين والتجار)، ذلك أننا إذا اختلفنا مع التاجر ذهبنا إلى الوزارة فإذا كانت الوزارة توقع مع التجار اتفاقيات فأين سنذهب بعدها إذاً؟ والسؤال: أين كانت حماية المستهلك ومجلس الشورى من هذه الاتفاقية وتقييمها وتقييم عدالتها؟

اقتصاديا ترتفع الأسعار ويسيطر التجار إذا كان هيكل السوق غير تنافسي، أي مع وجود احتكارات ولو كانت ''احتكارات تنافسية''. في الولايات المتحدة نظام لحماية المنافسة ومنع الاحتكار وعند بروز مثل هذه المظاهر فإنه يتم تحليل هيكل السوق وفهم كيف سيطرت هذه الشركات، وتجميع الأدلة ويتم فرض عقوبات اقتصادية على الشركات إذا لزم الأمر حتى يتم إصلاح هيكل السوق، وذلك بمنع عوائق الدخول للسوق أو تفتيت الشركات المسيطرة إلى شركات أصغر (كما كانت مع قضية مايكروسوفت) أو إجبار الشركات الاحتكارية العائلية غير المدرجة في السوق المالية على أن تبيع جزءا منها للعامة وتدرج أسهمها في السوق ومن ثم تفتيتها إلى أكثر من شركة. هذه الإجراءات وغيرها كثير جدا يعزز هيكل السوق التنافسي ويجعل إدارة الشركة أكثر عمومية من مجرد عائلة، ويضع أمام المستهلك في السوق خيارات أكثر، وهو المطلوب. كما يوجد في الدول الاقتصادية العريقة منع كامل لأي مظهر من مظاهر الاتفاق بين التجار أو حتى لقاءاتهم غير الرسمية، كل ذلك لحماية المستهلك وضمان لمنافسة شريفة لا أن يتم تنسيق العمل بينهم في غياب المستهلك البريء.
وهنا تبرز أسئلة أخرى كثيرة أمامي، هل قامت الوزارة بتحليل سوق التجزئة في المملكة؟ هل عرفت سياسات البيع واتجاهات التسعير؟ وما المؤثرات الحقيقية للتسعير في سوق التجزئة؟ هل عرفت بالضبط ما معوقات الدخول للسوق؟

ولماذا لا يوجد عدد كبير من الشركات والمتنافسة؟ فكما نعلم فإن جزءا من مشكلة السلع الغذائية جاء من الموردين أنفسهم، وهناك في جانب الموردين احتكار مقيت يجب تفتيته وبسرعة. كما عرفنا قبل أشهر عدة أن هناك رسوما على الباركود تفرضها شركات التجزئة الكبرى التي وقعت اتفاقية مع الوزارة وهي ترفع الأسعار بنسبة تصل إلى 20 في المائة، وهي نسبة كبيرة، ومع ذلك فلم نسمع عن قرار وزاري لإلغاء هذه الرسوم أو حتى مراقبتها أو تقنينها، وفي المقابل نفاجأ باتفاقية لتثبيت الأسعار نعتقد نحن المستهلكين أنها غير عادلة وتتضمن فعلا احتكاريا. يطول الحديث ولي معه وقفات لكن أتمنى من الوزارة أن تصلح من جيبها قبل أن تدعو الله أن يضع فيه اتفاقيات غير ملزمة.


http://www.aleqt.com/2012/06/16/article_667278.html
abuhisham غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:54 PM.