من ساعة المهد إلى حين اللحد رحلة طويلة قد تكون مملة كئيبة وقد تكون سعيدة وربما كانت الرحلة قصيرة لكنك في كلتا الحالتين تسير نحو أمل كبير وآمال عريضة قريبة كانت أو بعيدة لا يهم المهم أن تسير تحمل في جعبتك بقايا من أثر لك وزاد يعينك لعلك تحفل بشيء منها
لكنها هي التي تحفل بك وتريك من صورها صور مختلفة متنوعة لأماكن تتمايز وتتبدل وشخوص تتعدد وتبقى وتذهب والعمر يمضي ولا يرجع
والصور معك تنتقل وتنقلها لاشيء منها يغرب لكنها تبقى أكثر بقدر أثرها في حياتك
هي رحلتي ورحلتك يا صاحبي على هذه الأرض الواسعة
وكل منا له حلم وقليل من يصل إليه قبل أن تصل عند بابه ساعة الرحيل الأخير
وفي الرحلة وقفات يقف الناظر فيها مثل الطيور المهاجرة في رحلتها , ويرى ما قدم فيدخل في حوار عميق مع نفسه ويسأل فيرد ويرفض ويقبل وفي النهاية يعلم أن الحجر الذي وضعوه في طريقه كان أكبر من محاولاته في القفز
فيعود من حيث بدأ لكن الأمل يبقى ما بقيت الحياة
ويواصل يبحث عن حيلة يدحر بها هذا الحجر الهائل أو يثقبه
لكنه يعجز
فيعاود الكرة مرة أخرى لكنه حجر عنيد فيقف أمامه
ويجادله بالحسنى ويسأله بلطف
والحجر صلف صلب لايقبل الحوار
ظالم لا يقبل حجة ولا برهان
وصديقنا يريد اللحاق بأمله
وهذا الحجر يمنعه
وهذه هي حال الإنسان
ونحن هنا نتكلم عن الإنسان السعودي
وهي كذلك حالة الشعب ذلك الكيان الأكبر
وبالطبع نحن نتكلم أيضاً عن الشعب السعودي
والإنسان في البداية والنهاية حلقة في سلسلة طويلة تسمى الشعب ,وما يحدث له يؤثر في تلك السلسلة , ولذلك كانت لهذا الشعب طرق ووسائل تمكنه من حل المصاعب التي تواجه أفراده , ومن أنجع الحلول وأفضلها وسيلة
تلك الطريقة المسماة الشورى فهي يجب أو يفترض فيها أن تضم خيرة أبناء الشعب علما وثقافة ورجاحة رأي
وقبل ذلك الحكمة وهي نادرة وبضاعة تشترى بالذهب وبعد ذلك ومع ذلك منجم لصور تزخر بالتجارب وفوق ذلك وأهم أن يكون رأيهم نافذ لا مجرد قول يتبع مصلحة الحاكم
إذ كيف يكونون بهذه الصفات ثم لا يؤخذ رأيهم من قبل الحاكم الفرد الذي مهما أوتي من عبقرية لن يصل إلى ما وصلوا إليه
وآفة الشعب في مجلس صوري لايقدر أن يقول لا إذا كانت هذه ال (لا) هي الصواب
ومصيبته في مجلس يرى الخطأ ويجعله يمر دون حساب
والكارثة أن يكون هذا المجلس مجرد عالة يزيد العلة علة ضعيف لا قوة فيه
والأفدح من ذلك أن يكون رأيه في نفس الطريق الذي يسلكه الحاكم حتى ولو كان طريقاً تكسوه المطبات
ويزخر بالحفر والمستنقعات
والأسوأ من ذلك كله وقبل ذلك كله وبعد ذلك كله
أن تعتمد سياساتنا الداخلية والخارجية على مجلس يكذب
لأنه لا يستطيع أن يكون صادقاً وكيف يكون
وهو إن فعلها وصدق كانت نهايته
وهذا ما يسمى كذب الدفاع عن النفس في علم النفس ، وما دام الحديث قد ذهب بنا إلى العلم فإليك ما قاله
جاي جاي
وهو أحد المدربين بالوكالة الفيدرالية , يقول لا عدمنا جبهته
أن هناك دلائل لكشف الكذب ، ولكن بالتدريب يمكنكِ أنتِ أيضاً كشف الخادعون من حولك، لأنه أمر غير صعب وإليك 10 طرق لكشف الكذب (نذكر منها الواحدة التي تهمنا ):
1 - التناقضات
أول ما يجذبك في حديث الشخص ويؤكد لك أنه كاذب هو قوله المتناقض
ونستطيع أخي القارئ أنا وأنت أن نطبق قول جاي على مقولات الساسة لأنها كلها متناقضة فهم يعدونك بشيء وتجد شيء آخر
قال حكماء صهيون
"السياسة مدارها غير مدار الأخلاق، ولا شيء مشترك بينهما، والحاكم الذي يخضع لنهج الأخلاق لا يكون سائساً حاذقاً فيبقى ما بقي على عرشه مهزوزاً متداعياً وأما الحاكم اللبيب الذي يريد أن يبسط حكمه فيجعله وطيداً، يجب عليه أن يكون ذا خصلتين: الدهاء النافذ والمكر المخادع، وأما تلك الصفات التي يقال إنها من الشمائل القومية العالمة، كالصراحة والإخلاص والأمانة والشرف، فهذا كله يعد في باب السياسة من النقائص
و نابليون يوم غزا مصر،
كان لطيف مهذب تراه فتحسبه حمل وديع يتحجج بآيات القرآن وينشر تعاليم الإسلام وأحاديث الرسول ومراده الكذب ولا شيء آخر،
يقول : كارل آر. بوبر في تفسيره لأسباب سقوط الإتحاد السوفيتي
الطريق إلى الرق يقود إلى اختفاء النقاش الحر والعقلاني؛ أو بعبارة أخرى، السوق الحرة للأفكار. ولكن ذلك يترك أشد المؤثرات المدمرة على كل إنسان، بما في ذلك من يُسمّون بالقادة. إنها تؤدي إلى مجتمع تكون فيه العبارات الفارغة سيدة الموقف. تعابير تتشكل في معظمها من أكاذيب تصدر عن قادة لا لسبب وجيه في معظم الحالات، بل لتأكيد الذات وتمجيدها. ولكن ذلك مؤشر على نهاية قدرتهم على التفكير. إنهم أنفسهم يصبحون عبيداً لأكاذيبهم، مثل الآخرين. إنها كذلك، نهاية قدرتهم على الحكم. إنهم يختفون حتى وإن كانوا مستبدين.
ويقول تي تشينغ رغم صغر عينه
عندما تضيع الطيبة, يوجد المعروف, عندما يضيع المعروف, توجد العدالة, عندما تضيع العدالة, توجد الطقوس, فالطقوس, الآن, هي قشرة الإيمان وبداية الفساد.
وعلى قولة ميحد حمد
أشوفك شيء وأنت شيء آخر
وختاماً أخي القارئ لا سبيل لي ولا لك بحياة كريمة إلا حين يوجد مجلس شورى صادق قوي
يرى مصلحة الشعب أين فيذهب إليها سريعاً
وهو في ذلك يساعد الحاكم ويساعد نفسه ويسير بالشعب نحو بر الآمان والرخاء والرفاهية